خطواتها عن الخطوفي ملعب الخطيئات، ويمثل لها الصبر عياناً، ويبين العواقب المحجوبة بياناً، وينشئ سحاب الحزن في أجواف أجزائها، ويذكرها بمآلها وانتهائها، ويعرض عليها مصارع فنائها، وخراب بنائها، وفراق حبائبها وأبنائها، عند نزول هاذم اللذات بفنائها، فترجع إلى الله تعالى بحكم الاضطرار أفكارها، وتخشع من خيفة الله تعالى وجلاله أبصارها.
والوعظ يكون بلسانين، ويوجد فنين: لسان حال، ولسان مقال، وربما كان لسان الحال أبلغ، وهويسمع من القبور الموحشة، والقصور الخالية، والعظام البالية، وفيه حكايات وأخبار، ولسان المقال كقوله سبحانه وتعالى " وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم، وتبين لكم كيف فعلنا بهم، وضربنا لكم الأمثال " إبراهيم " ٤٥ وهوسبيل الله تعالى التي بعث بها النبيين، وضمن فصولها الكتاب المبين، والسوط الذي يحمل على الأوبة، ويسوق ذود المتطهرين إلى غدير التوبة، ونحن نجعله هيمنة بين يدي الفراسة، لتزكيه النفوس إن صدق حكم الفراسة، فمن ذلك ما صدر عني على لسان واعظ:
الحمد لله الولي الحميد، المبدئ المعيد، البعيد في قربه من العبيد، القريب في بعده فهوأقرب من حبل الوريد، كحيي ربوع العارفين بتحيات حياة التوحيد، ومغني نفوس الزاهدين بكنوز احتقار الافتقار إلى العرض الزهيد، ومخلص خواطر المحققين من سجون دجون التقييد، إلى فسح التجريد، نحمده وله الحمد المنتظمة درره في سلوك الدوام وسموط التأبيد، حمد من نزه أحكام وحدانيته، وأعلام فردانيته، عن مرابط التقليد، ومخابط الطبع البليد، ونشكره شكر من افتتح بشكره أبواب المزيد، ونشهد أنه الله الذي لا إله إلا هوشهادة نتخطى بها معالم الخلق إلى حضرة الحق على كبد التفريد، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله قلادة الجيد المجيد، وهلال العيد، وفذلكة الحساب وبيت القصيد، المقصود بمنشور الإدلال