والأين والكيف سوى ظاهر ... فاستغن عن كيف وعن أين الخشب، الذي يتخذ منه النشب، ينقسم إلى أقسام، وأجزاء جسام: القسم الأول: في الحدود والمعرفات، والأسماء الواقعة والصفات (١) .
وللسان الدين رحمه الله تعالى في المواعظ اليد الطولى؛ قال في الروضة في الفصل الثاني في محركات العزيمة - وهي اليقظة - ما نصه: قلت: والمحركات المشتركات في باعث اليقظة كثيرة: منها الوعظ السائق بمقود الشارد عن الله تعالى إلى مربط التوبة، ومحرك العزيمة يردد أذانه على نوام أهل الكهف، وقد ضرب نوم الغفلة على آذانهم، حتى يحول بينهم وبين أذانهم، ويركبهم ظهر الرياضة التي تلحقهم بالمجذوبين من إخوانهم، ولما كان حب الدنيا هوالمانع عن الشروع في إطلاق العمل، والقاطع به بعده لم يجد أساة خبل الهوى وجنون الكسل أنجع من رقي العذل والتأنيب، وتقبيح المحبوب، سيما إذا انزعجت نبال نبله عن حنيات ضلوع الصدق، وقال بعضهم: الكلام إذا خرج من القلب دخل القلب:
أوقد النار من رسالة ليلى ... واحذر السيل بعدها من دموعي ولا تعدل الوعظ البليغ باللسان الفصيح، والقلب القريح، فإذا رأيت الأرض قد اهتزت وربت، وهضاب القلوب القاسية قد تقلبت، فشمر للغراس والزراع عن الذراع، واغتنم السراع والإسراع:
إذا هبت رياحك فاغتنمها ... فإن لكل عاصفة سكونا
حفر لها ماء يريها بدأة ... واضمن لها حوضاً وإن لم تحفر
واربأ بنفسك عن تسامح بائع ... واغنم إذا سامتك شهوة مشتري قالوا: الوعظ يضرب وجه النفس عن الثبط في بساط اللذات، وينقل
(١) الخشب ... والصفات: هذه العبارة مقحمة هنا وقد وردت ص: ٢٩٤.