للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومفاتحتكم، ما نجده من الميل لكم طبعاً وجبلة، من غير أن نعتبر سبباً أوعلة، فالتعارف بين الأرواح لا ينكر، والحديث الكريم يؤيد من ذلك ما ينقل ويذكر (١) .

وبحسب ذلك نطلعكم على غري ما جرى به في ملكنا القدر، وحيث بلغ الورد وكيف كان الصدر، وربما اتصلت بكم الحادثة التي أكفأها على دار ملكنا من لم يعرف غير نعمتها غاذياً، ولا برح في جوانب إحسانها رائحاً وغادياً، يتيم حجرها الكافل، ورضيع درها الحافل، الشقي الخاسر، الخائن الغادر، محمد بن إسماعيل بن محمد المستجير بنسبنا من لؤم غدره، الخفية عنا حيل مكره لخمول قدره، إذ دعاه محتوم الحين ليهلك إلى أن يهلك، وسولت له نفسه الأمارة بالسوء أن يملك أخانا الخاسر ثم يملك، وسبحان الذي يقول: يا نوح إنه ليس من أهلك " هود:٤٦، وكيف تم له ما أبرمه من تسور الأسوار، واقتحام البوار، وتملك الدار، والاستيلاء على قطب المدار، وأننا كنفتنا عصمة الله تعالى بمتحولنا الذي كان به ليلتئذ محل ثوائنا، وكفت القدرة الإلهية أكف أعدائنا، وخلصنا غلاباً بحال انفراد إلا من عناية [الله] ونعم الرفيق، وصدق اللجإ إلى رحمة الله تعالى التي ساحتها عن مثلنا لا تضيق، مهما (٢) تنكر الزمان أوتفرق الفريق، وشرذمة الغدر تأخذ علينا كل فج عميق، حتى أوينا من مدينة وادي آش إلى الجبل العاصم، والحجة المرغمة أنف المخاصم، ثم أجزنا البحر بعد معاناة خطوب، وتجهم من الدهر وقطوب، وبلا الله هذا الوطن بمن لا يرجوله وقاراً، ولا يألوشعائره المعظمة احتقاراً، فأضرمه ناراً، وجلل وجوه وجوهه خزياً وعاراً، حتى هتك الباطل حماه، وغير اسمه ومسماه، وبدد حاميته المتخيرة وشذبها، وسخم دواوينه التي محصها الترتيب والتجريب وهذبها، وأهلك نفوسها وأموالها، وأساء لولا


(١) يشير إلى الحديث " الأرواح مجندة ما تعارف منها ائتلف ... الخ ".
(٢) ق: فمهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>