للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن هذا الوطن الجهادي وأبعدناهم.

ولما تعرف سلطان قشتالة باستقلالنا، واستقرارنا بحضرة الملك واحتلالنا، بادر يعرف بما كان من عمله فيمن لحق له من طائفة الغدر، وإخوان الخديعة والمكر، وبعث إلينا برؤوسهم، ما بين رئيسهم الشقي ومرؤوسهم، وقد طفا على جداول السيوف حبابها، وراق بحناء الدماء خضابها، وبرز الناس إلى مشاهدتها معتبرين، وفي قدرة الله تعالى مستبصرين، ولدفاع النفس بعضهم ببعض شاكرين، وأحق الله تعالى الحق بكلماته وقطع دابر الكافرين، فأمرنا بنصب تلك الرؤوس بمسور الغدر الذي فرعته، وجعلناها علماً على عاتق العمل السيئ الذي اخترعته، وشرعنا في معالجة العلم، وأفضنا على العباد والبلاد حكم السلم، فاجتمع الشمل كأحسن أحواله، وسكن هذا الوطن بعد زلزاله، وأفاق من أهواله.

ولعلمنا بفضلكم الذي قضاياه شائعة، ومقدماته ذائعة، أخبرناكم به على اختصار، واجتزاء واقتصار، ليسر دينكم المتين بتماسك هذا الثغر الاقصى بعد استرساله، وإشرافه على سوء مآله، وكنا نخاطب محل أخينا السلطان الجليل المعظم الأسعد الأوحد الخليفة أمير المؤمنين أبي إسحاق ابن الخليفة أمير المؤمنين المعظم المقدس أبي يحيى ابن أبي بكر ابن الأئمة المهتدين والخلفاء الراشدين - وصل الله تعالى أسباب سعده وحرس أكناف مجده - لولا أننا تعرفنا كونه في هذه المدة مقيماً بغير تلك الحضرة التونسية، فاجتزأنا بمخاطبة جهتكم السنية، وبين سلفنا وسلفكم من الود الراسخ البنيان، والكريم الأثر والعيان، ما يدعوإلى أ، يكون سبب المخالطة موصولاً، وآخره الود خيراً من الأولى، لكن الطريق جم العوائق، والبحر مفروق (١) البوائق، وقبول العذر بشواغل


(١) ق: معروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>