العدوعن الإجهاز عليهم من حسن سيرتنا، فقويت فينا أطماعهم، وانعقد على التحرم بنا إجماعهم.
وقصدنا مالقة بعد أن انثالت الجهة الغربية، وأذعنت المعاقل الأبية، فيسر الله تعالى فتحها، وهيأ منحها، ثم توالت البيعات، وصرخت بمآذن البلاد الدعاة، واضطرب أمر الخائن وقد دلفت المخاوف إليه، وحسب كل صيحة عليه، فاقتضت نعامته الشائلة، ودولة بغيه الزائلة، وآراؤه الفائلة، أن ضم ما أمكنه من ذخيرة مكنونة، وآلة للملك مصونة، واستركب أوباشه الذين استباح الحق دماءهم، وعرف الخلق اعتزاءهم للغدر وانتماءهم، وقصد سلطان قشنتالة من غير عهد ولا وثيقة، ولا مثلى طريقة، ولا شيمة بالرعي خليقة، لكن الله عز وجل، حمله على قدمه، لإراقة دمه، وزين الوجود بعدمه، فلحين قدومه عليه راجياً أن يستفزه بعرض، أويحيل صحة عقده المبرم إلى مرض، ومؤملاً هووشيعته الغادرة كرة على الإسلام مجهزة، ونصرة لمواعيد الشيطان منجزة، تقبض عليه وعلى شيعته، وصم عن سماع خديعته، وأفحش بهم المثلة، وأساء بحسن رأيه فيهم القتلة، فأراح الله تعالى بإبادتهم نفوس العباد، وأحيا بهلاكهم أرماق البلاد.
وحثثنا السير إلى دار ملكنا فدخلناها في اليوم الأغر المحجل، وحصلنا منها على الفتح الإلهي المعجل، وعدنا إلى الأريكة التي بنا عنها التمحيص فما حسبنا إلا سراراً أعقبه الكمال، ومرضاً عاجله الإبلال، فثابت للدين الآمال، ونجحت الأعمال، وبذلنا في الناس من العفوما غفر الذنوب، وجبر القلوب، وأشعنا العفوفي القريب والقصي، وألبسنا المريب ثوب البري، وتألفنا الشارد، وأعذبنا الموارد، وأجرينا العوائد، وأسنينا الفوائد، إلا ما كان من شرذمة عظمت جرائرهم، وخبثت في معاملة الله تعالى سرائرهم، وعرف شومهم، وصدق من يلومهم، فأقصيناهم وشردناهم، وأجليناهم