وتأنيس المريب، مستنجزاً له وبه وعد النصر العزيز والفتح القريب، ورفع عنه لهذا العهد نظر من حكم الإعراض في حماته، واستشعر عروق الحسائف لتشذيب كماته، واشتغل عن حسن الوساطة لهم بمصلحة ذاته، وجلب جباته، وتثمير ماله وتوفير أقواته، ذاهباً أقصى مذاهب التعمير بأمد حياته، فانفرج الضيق، وخلص إلى حسن نظره الطريق، وساغ الريق، ورضي الفريق، رأى - والله الكفيل لنجح رأيه، وشكر سعيه، وصلة حفظه ورعيه - أن يجهد لهم اختياره، ويحسن لديهم آثاره، ويستنيب فيما بينه وبين سيوف جهاده، وأبطال جلاده، وحماة أحوازه، وآلات اعتزازه، من يجري مجرى نفسه النفيسة في كل مبنى، ويكون له لفظ الولاية وله - أيده الله تعالى - المعنى، فقدمه على الجماعة الأولى كبرى الكتائب، ومقادة الجنائب، وأجمة الأبطال، ومزنة الودق الهطال، المشتملة من الغزاة على مشيخة آل يعقوب نسباء الملوك الكرام، وأعلام الإسلام، وسائر قبائل بني مرين، ليوث العرن، وغيرهم من أصناف القبائل، وأولي الوسائل، ليحوط جماعتهم، ويعرف بتفقده إطاعتهم، ويستخلص لله تعالى ولأبيه - أيده الله تعالى - طاعتهم، ويشرف بإمارته مواكبهم، ويزين بهلاله الناهض إلى الإبدار على فلك سعادة الأقدار كواكبهم، تقديماً أشرق له وجه الدين الحنيف وتهلل، وأحس باقتراب ما أمل، فللخيل اختيال ومراح، وللأسل السمر اهتزاز وارتياح، وللصدور انشراح، وللآمال مغدى في فضل الله تعالى ورواح.
فليتول ذلك - أسعده الله تعالى - تولي مثله ممن أسرة الملك أسرته، وأسوة الني صلوات الله تعالى عليه أسوته، والملك الكريم أصل لفرعه، والنسب العربي منجد لطيب طبعه، آخذاً أشرافهم بترفيع المجالس بنسبة أقدارهم، مغرياً حسن اللقاء بإيثارهم، شاكراً غناءهم، مستدعياً ثناءهم، مستدراً لأرزاقهم، موجباً المزية بحسب استحقاقهم، شافعاً في رغباتهم المؤملة، ووسائلهم المتحملة، مسهلاً الإذن لوفودهم المتلاحقة، منفقاً لضائعهم النافقة