رسول الله جنى من جنانك، ورطب من أفنانك، وأثر ظهر علينا من مسحة حنانك.
هذه هي الحال والانتحال، والعائق أن تشد إليك الرحال، ويعمل الترحال، إلى أن نلقاك في عرصات القيامة شفيعاً، ونحل بجاهك إن شاء الله تعالى محلاً رفيعاً، ونقدم في زمرة الشهداء الدامية، كلومهم من أجلك، الناهلة غللهم في سجلك، ونبتهل إلى الله تعالى الذي أطلعك في سماء الهداية سراجاً، وأعلى لك في السبع الطباق معراجاً، وأم الأنبياء منك بالنبي الخاتم، وقفى على آثار نجومها المشرقة بقمرك العاتم، أن لا يقطع عن هذه الأمة الغريبة أسبابك، ولا يسد في وجوهها أبوابك، ويوقفها لاتباع هداك، ويثبت في أقدامها على جهاد عداك، وكيف تعدم ترفيها، أوتخشى بخساً وأنت موفيها، أويعذبها الله تعالى وأنت فيها وصلاة الله وسلامه تحط بفنانك رحال طيبها، وتهدر في ناديك شقاشق خطيبها، ما أذكر الصباح الطلق هذاك، والغمام السكب نداك، وما حن مشتاق إلى لثم ضريحك، وبليت نسمات الأسحار عما استرقت من ريحك، وكتب في كذا. انتهت الرسالة، وفيها ما لا خفاء به من براعة لسان الدين، رحمه الله تعالى وقدس روحه الطاهرة، آمين.
٨٧ - ومما علق بحفظي من نثره رحمه الله تعالى أثناء رسالة في العزاء خاطب بها ملك المغرب قوله بعد كلام: أين مروان بن الحكم ودهاؤه، وعبد الملك بن مروان وبهاؤه، والوليد وبناؤه، وسليمان وغذاؤه، وعمر بن عبد العزيز وثناؤه، ويزيد ونساؤه، وهشام وخيلاؤه، والوليد وندماؤه، والجعدي وآراؤه، أم أين السفاح وحسامه، والمنصور واعتزامه، والمهدي وإعظامه، والهادي وإقدامه، والرشيد وأيامهم، والأمين وندامه، والمأمون وكلامه، والمعتصم وإسراجه، وإلجامه انتهى.