القطر المرتدي بجاهك الذي لا يذل من ادرعه، ولا يضل من اهتدى بالسبيل الذي شرعه، إلى أن لاطفنا ملك الروم بأربعة من البلاد كان الكفر قد اغتصبها، ورفع التماثيل ببيوت الله تعالى ونصبها، فانجاب عنها بنورك الحلك، ودار بإدالتها إلى دعوتك الفلك، وعاد إلى مكاتبها القرآن الذي نزل به على قلبك الملك، فوجبت مطالعة مقرك النبوي بأحوال هذه الأمة المكفولة في حجرك، المفضلة بإدارة تجرك، المهتدية بأنوار فجرك، وهل هوإلا ثمرات سعيك، ونتائج رعيك، وبركة حبك، ورضاك الكفيل برضى ربك، وغمام رعدك، وإنجاز وعدك، وشعاع من نور سعدك، وبذر يجنى ريعه من بعدك، ونصر رايتك، وبرهان آيتك، وأثر حمايتك ورعايتك.
واستنبت هذه الرسالة مائحة بحر الندى الممنوح، ومفاتحة باب الهدى بفتح الفتوح، وفارعة المظاهر والصروح، وملقية الرجل بمنتزل الملائكة والروح، لمد إلى قبولك يد استمناح، وتطير إليك من الشوق الحثيث بجناح، ثم تقف موقف الانكسار، وإن كان تجرها آمناً من الخسار، وتقدم بأنس القربة، وتحجم بوحشة الغربة، وتتأخر بالهيبة، وتجهش لطول الغيبة، وتقول: ارحم بعد داري، وضعف اقتداري، وانتزاح أوطاني، وخلوأعطاني، وقلة زادي، وغراق مزادي، وتقبل وسيلة اعتراقي، وتغمد هفوة افتراقي، وعجل بالرضى انصراف متحملي لانصرافي، فكم جبت من بحر زاخر، وقفر بالركاب ساخر، وحاش لله تعالى أن يخيب قاصدك، أوتتخطاني مقاصدك، أوتطردني موائدك، أوتضيق عني عوائدك، ثم تمد مقتيضة مزيد رحمتك، مستدعية دعاء من حضر من أمتك، وأصحبتها يا رسول الله عرضاً من النواقيس التي كانت بهذه البلاد المفتتحة تعيق الإقامة والأذان، وتسمع الأسماع الضالة والآذان، مما قبل الحركة، وسالم المعركة، ومكن من نقله الأيدي المشتركة، واستحق بالقدوم عليك والإسلام بين يديك، السابقة في الأزل البركة، وما سواها فكانت جبالاً عجز عن نقلها الهندام، فنسخ وجودها الإعدام، وهي يا