للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوزير الذي هوللدين الوزر الواقي، والعلم السامي المراقب والمراقي، والحلي المقلد فوق الترائب والتراقي، والكنز المؤمل والذخر الباقي، حجب الله تعالى العيون عن عين كمالك، وصير الفلك الدوار مطية آمالك، وجعل اتفاق اليمن مقروناً بيمينك، وانتظام الشمل معقوداً بشمالك.

" اعلم أن مطلق لسان الثناء على مجدك، والمستضيء على البعد بنور سعدك، ومعقود الرجاء بعروة وعدك، لا يزال في كل ساعة يسحب الفلك فيه ذيلها، ويعاقب يومها وليلها، مصغي الأذن إلى نبإ يهدي عنك لله تعالى دفاعاً، أويمد في ميدان سعدك باعاً، وأنت اليوم النصير على الدهر الظلوم، وآسي الكلوم، وذوالمقام المعلوم، فتعرفت أن بعض ما يتلاعب به بين أيدي السادة الخدام، وتتفكه به المثاقفة والأفدام (١) ، من كرة مرسلة الشهاب، أونارنجة ظهر عليها من اسمها صبغة الالتهاب، حومت حول عينك لا كدر صفاؤها، ولا هدم فوق مهاد الدعة والأمن إغفاؤها، فرعت حول حماها، ورامت أن تصيب فخيب الله تعالى مرماها:

نرى السوء مما نتقي فنها به ... وما لا نرى مما يقي الله أكثر (٢) " فقلت: مكروه أخطأ سهمه، وتنبيه من الله تعالى لمن نبل عقله وفهمه، ودفاع قام دليله، وسعد أشرق جليله، وأيام أعربت عن إقبالها، وعصمة غطت بسربالها، وجوارح جعل الله تعالى الملائكة تحرسها، فلا تغتالها الحوادث ولا تفترسها، والفطن يشعر بالشيء وإن جهل أسبابه، والصوفي يسمع من الكون جوابه، فبادرت أهنئه تهنئة من يرى تلك الجوارح الكريمة أعز عليه من جوارحه، ويرسل طير الشكر له تعالى في مساقط اللطف الخفي ومسارحه،


(١) المثاقفة: أهل الثقافة أي الذين يصارعون الحيوانات المتوحشة؛ والأفدام: الحمقى.
(٢) مر هذا البيت وقصته بين الأمير عبد الرحمن ووزيره الزجالي في المجلد ٣ ص: ٥٣٩، ٦١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>