للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" وقد وصل كتاب سيدي يحمد - والحمد لله - العواقب، ويصف المراقي التي حلها والمراقب، وينشر المفاخر الحفصية والمناقب، ويذكر ما هيأه الله تعالى لديها من إقبال، ورخاء بال، خصيصي اشتمال، ونشوة آمال، وأنه اغتبط وارتبط، وألقى العصا بعدما خبط، ومثل تلك الخلافة العلية من تزن الذوات المخصوصة من الله تعالى بتشريف الأدوات بميزان تمييزها، وتفرق بين شبه المعادن وإبريزها، و " شبه الشيء " مثل معروف (١) ، ولقد أخطأ من قال: الناس ظروف، إنما هم شجرات ريع في بقعة ماحلة، وإبل مائة لا تجد فيها راحلة (٢) ، وما هوإلا اتفاق، ونجح للمسلك وإخفاق، وقلما كذب إجماع وإصفاق، والجليس الصالح لرب سياسة أمل مطلوب، وحظ إليه مجلوب، وإن سئل أطرف، وعمر الوقت ببضاعة أشرف، وسرق الطباع، ومد في الحسنات الباع، وسلى في الخطوب، وأضحك في اليوم القطوب، وهدى إلى أقوم الطرق، وأعان على نوائب الحق، وزرع له المودة في قلوب الخلق، زاد الله تعالى سيدي لديها قرباً أثيراً، وجعل فيه للجميع خيراً كثيراً، بفضله وكرمه.

ولعلمي بأنه - أبقاه الله تعالى - يقبل نصحي، ولا يرتاب في صدق صبحي، أغبطه بمثواه، وانشده ما حضر من البديهة في مسارة هداه ونجواه:

بمقام إبراهيم عذ واصرف به ... فكراً تؤرق عن بواعث تنبري

فجواره حرم وأنت حمامة ... ورقاء والأغصان هود المنبر

فلقد أمنت من الزمان وريبه ... وهو المروع للمسيء وللبري " وإن تشوف سيدي فلعمر وليه لوكان المطوب دنيا لوجب وقوع الاجتزاء،


(١) من قول المتنبي:
وشبه الشيء منجذب إليه ... وأشبهنا بدنيانا الطغام (٢) من حديث للرسول (ص) : " الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>