للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم تلقن الوصية، وسلكت المسالك القصية، وأبعدت من التطوف، وجاءت تبتغي من أسرار التصوف، ومتى تقرن هيبة السبع الشداد، بحانوت الحداد، أوتنظر أحكام الاعتكاف، بدكان الإسكاف، أويتعلم طبع المثقال، بحانوت البقال والظن الغالب - وقد تلتبس المطالب - أنكم أمرتموها، لما أصدرتموها، بإعمال التشوف، فطردت حكم الإبدال، غائبة عما يلزم من الجدال، وسمت الشين صاداً، وعينت لزرع الوصية حصاداً، والله تعالى يجعل المحب عند ظن من نظر بمرآته، أووصفه ببعض صفاته، وهي تزلق عن صفاته، فالتصوف أشرف، وظلاله أورف، من أن يناله كلف بباطل، ومغرور بسراب ماطل، لا برباب هاطل، ومفتون بحال حال أوعاطل، ومن قال ولم يتصف بمقاله، فعقله لم يرم عن عقاله، وجبال أثقاله، مانعة له عن انتقاله.

وعلى ذلك، وبعد تقرير هذه المسالك، فقد عمرت يدها كيلا تعود بها صفراً بعد إعمال السفر، أوترى أنها قد طولبت بذنب الغلط المغتفر، وأصبحت المراجعة بمجلس وعظ فتحت به باب الحرج، إلى إنكار الإمام أبي الفرج (١) ، وفن الوعظ لما سأل الأخ هوالصديق المسعد، والمبرق قبل غمام رحته والمرعد، ولله در القائل: لست به وولم تبعد، والاعتراض بعد ملازم، لكن الإسعاف لقصده لازم، وعامله عند الاعتلال بالعذر جازم، وإغضاؤه ملتمس، وفضله لا يخبومنه قبس، وعذراً أيها الفاضل، وبعد الاعتذار، عن القلم المهذار، وإغفال الحذار، اقرأ عليهم من طيب السلام، ما يخجل أزهار الكمام عقب الغمام، ورحمة الله تعالى من ممليه على الكاتب، ولعلها تفتأ من عتب لالعاتب، ابن الخطيب: فإني كتبته والليل دامس، وبحر


(١) يعني أبا الفرج ابن الجوزي لشهرته في الوعظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>