فقال: رعيتك ودائع الله تعالى قبلك، ومرآة العدل الذي عليه جبلك، ولا تصل إلى ضبطها إلا بإعانة الله تعالى التي وهب لك، وأفضل ما استدعيت به عونه فيهم، وكفايته التي تكفيهم، تقويم نفسك عند قصر تقويمهم، ورضاك بالسهر لتنويمهم، وحراسة كهلهم ورضيعهم، والترفع عن تضييعهم، وأخذ كل طبقة بما عليها وما لها، أخذاً يحوط مالها، ويحفظ عليها كمالها، ويقصر عن غير الواجبات آمالها، حتى تستشعر عليتها رأفتك وحنانك، وتعرف أوساطها في النصب امتنانك، وتحذر سفلتها سنانك، وحظر على كل طبقة منها أن تتعدى طورها، أوتخالف دورها، أوتجاوز بأمر طاعتك فورها، وسد فيها سبل الذريعة، وأقصر جميعها عن خدمة الملك بموجب الشريعة، وامنع أغنياءها من البطر والبطالة، والنظر في شبهات الدين بالتمشدق والإطالة، وليقل فيما شجر بين الناس كلامها، ويرفض منا تنبر به أعلامها، فإن ذلك يسقط الحقوق، ويرتب العقوق، وامنعهم من فحش الحرص والشره، وتعاهدهم بالمواعظ التي تجلوالبصائر من المره، واحملهم من الاجتهاد في العمارة على أحسن المذاهب، وانههم عن التحاسد على المواهب، ورضهم على الإنفاق بقدر الحال، والتعزي عن الفائت فرده من المحال، وحذر البخل على أهل اليسار، والسخاء على أولي الإعسار، وخذهم من الشريعة بالواضح الظاهر، وامنعهم من تأويلها منع القاهر، ولا تطلق لهم التجمع على نم أنكروا أمره في نواديهم، وكف عنهم أكف تعديهم، ولا تبح لهم تغيير ما كرهوه بأيديهم، ولتكن غايتهم، فيما توجهت إليه إبايتهم، ونكصت عن الموافقة عليه رايتهم، إنهاءه إلى من وكلته بمصالحهم من ثقاتك، المحافظين على أوقاتك، وقدم منهم من أمنت عليهم مكره، وحمدت على الإنصاف شكره، ومن كثر حياؤه من التأنيب، وقابل الهفوة باستتابة المنيب، ومن لا يتخطى عندك محله الذي حله، فربما عمد إلى المبرم فحله، وحسن النية لهم