للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنك مراراً، وبعده من كانت محبته لك أزيد من نجدته، وموقع رأيه أنفع من موقع صعدته، وبعدهما من حسن انقياده لأمرائك، وإحماده لآرائك، ومن جعل نفسه من الأمر حيث جعله، وكان صبره على ما عراه اكثر من اعتداده بما فعله، واحذر منهم من كان عند نفسه أكبر من موقعه في الانتفاع، ولم يستحي من التزيد بأضعاف ما بذله من الدفاع، وشكا البخس فيما تعذر عليه من فوائدك، وقاس بين عوائد عدوك وعوائدك، وتوعد بانتقاله عنك وارتحاله، وأظهر الكراهية لحاله.

وأما العمال فإنهم ينبئون عن مذهبك، وحالهم في الغالب شديدة الشبه بك، فعرفهم في أمانتك السعادة، وألزمهم في رعيتك العادة، وأنزلهم من كرامتك بحسب منازلهم في الاتصاف، بالعدل والإنصاف، وأحلهم من الحفاية، بنسبة مراتبهم من الامانة والكفاية، وقفهم عند تقليد الأرجاء، مواقف الخوف والرجاء، وقرر في نفوسهم أن أعظم ما به إليك تقربوا، وفيه تدربوا، وفي سبيله أعجموا وأعربوا، إقامة حق ودحض باطل، حتى لا يشكوغريم مطل ماطل، وهوآثر لديك من كل رباب هاطل، وكفهم من الرزق الموافق، عن التصدي لدنئ المرافق، واصطنع منهم من تيسرت كلفته، وقويت للرعايا ألفته، ومن زاد على تأميله صبره، وأربى على خبره خبره، وكانت رغبته في حسن الذكر، تشف على بنات الفكحر، واجتنب منهم من يغلب عليه التخرق في الإنفاق، وعدم الإشفاق، والتنافس في الاكتساب، وسهل عليه سوء الحساب، وكانت ريعته المصانعة بالنفاية، دون التقصي والكفاية، ومن كان منشؤه خاملاً، ولأعباء الدناءة حاملاً، وابغ من يكون الاعتذار في أعماله، أوضح من الاعتذار في أقواله، ولا يفتننك ممن قلدته اجتلاب الحظ المقناع، والتنفق بالسعي المسمع، ومخالفة السنن المرعية، واتباعه رضاك بسخط الرعية، فإنه قد غشك، من حيث بلك ورشك، وجعل من يمينك

<<  <  ج: ص:  >  >>