للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أكمل العالمين خلقاً وخلقاً ... أشرف الناس في الندى والكفاح

وبكم زينت سماء المعالي ... واهتدى الناس في الدجى والصباح وكان السلطان أبوحموالممدوح بهذه القصيدة يحتفل لليلة مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم غاية الاحتفال، كما كان ملوك المغرب والأندلس في ذلك العصر وما قبله.

ومن احتفاله له ما حكاه شيخ شيوخ شيوخنا الحافظ سيدي أبوعبد الله التنسي ثم التلمساني في كتابه راح الأرواح فيما قاله المولى أبوحمومن الشعر وقيل فيه من الأمداح وما يوافق ذلك على حسب الاقتراح ونصه: أنه كان يقيم ليلة الميلاد النبوي - على صاحبه الصلاة والسلام - بمشورة من تلمسان المحروسة مدعاة حفيلة يحشر فيها الناس خاصة وعامة، فما شئت من نمارق مصفوفة، وزرابي مبثوثة، وبسط موشاة، ووسائد بالذهب مغشاة، وشمع كالأسطوانات، وموائد كالهالات، ومباخر منصوبة كالقباب، يخالها المبصر تبراً مذاب، ويفاض على الجميع أنواع الأطعمة، كأنها أزهار الربيع المنمنمة، تشتهيها الأنفس وتستلذها النواظر، ويخالط حسن رياها الأرواح ويخامر، رتب الناس فيها على مراتبهم ترتيب احتفال، وقد علت الجميع أبهة الوقار والإجلال، وبعقب ذلك يحتفل المسمعون بأمداح المصطفى عليه الصلاة والسلام، ومكفرات (١) ترغب في الإقلاع عن الآثام، يخرجون فيها من فن إلى فن ومن أسلوب إلى أسلوب، ويأتون من ذلك بما تطرب له النفوس وترتاح إلى سماعه القلوب، وبالقرب من السلطان رضوان الله تعالى عليه خزانة المنجانة قد زخرفت كأنها حلة يمانية، لها أبواب موجفة (٢) على عدد ساعات الليل


(١) المكفرات: أشعار تقال في التزهيد فتكفر ما كان من عبث، وهي تشبه " المحصات ".
(٢) الأزهار: مرتجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>