للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزمانية، فمهما مضت ساعة وقع النقر بقدر حسابها، وفتح عند ذلك باب من أبوابها، وبرزت منه جارية صورت في احسن صورة، في يدها اليمنى رقعة مشتملة على نظم فيه تلك الساعة باسمها مسطورة، فتضعها بين يدي السلطان بلطافة، ويسراها على فمها كالمؤدية بالمبايعة حق الخلافة، هكذا حالهم إلى انبلاج عمود الصباح، ونداء المنادي حي على الفلاح؛ انتهى.

وقال التنسي المذكور في كتابه المسمى بنظم الدر والعقيان في شرف بني زيان وذكر ملوكهم الأعيان ما نصه: وكان السلطان أبو حمو يقوم بحق ليلة مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويحتفل لها بما هوفوق سائر المواسم، يقيم مدعاة (١) يحشر لها لأشراف والسوقة، فما شئت من نمارق مصفوفة، وزرابي مبثوثة، وشمع كالأسطوانات، وأعيان الحضرة على مراتبهم تطوف عليهم ولدان قد لبسوا أقبية الخز الملون وبأيديهم مباخر ومرشات ينال كل منها بحظه، وخزانة ذات تماثيل لجين محكمة الصنعة، بأعلاها أيكة تحمل طائراً فرخاه تحت جناحيه، ويختله فيهما أرقم خارج من كوة بجذر الأيكة صاعدا (٢) ، وبصدرها أبواب مرتجة بعدد ساعات الليل الزمانية، يصاقب طرفيها بابان كبيران، وفوق جميعها دوين رأس الخزانة قمر أكمل يسير على خط الاستواء سير نظيره في الفلك، ويسامت أول كل ساعة بابها المرتج، فينتقض من البابين الكبيرين عقابان، بفي كل واحد منهما صنجة صفر يلقيها إلى طست من الصفر بوسطه ثقب يفضي بها إلى داخل الخزانة فيرن، وينهش الأرقم أحد الفرخين، فيصفر له أبوه، فهناك يفتح باب الساعة الذاهبة، وتبرز منه جارية محتزمة كاظرف ما أنت راء، بيمناها إضبارة فيها اسم ساعتها منظوماً، ويسراها موضوعة على فيها كالميابعة بالخلافة، والمسمع قائم ينشد


(١) المدعاة: الدعوة.
(٢) الأزهار: صعداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>