للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمداح سيد المرسلين وخاتم النبيين ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يؤتى آخر الليل بموائد كالهالات دوراً، والرياض نوراً، وقد اشتملت من أنواع محاسن المطاعم (١) على ألوان تشتهيها الأنفس وتستحسنها الأعين، وتلذ بسماع أسمائها الآذان، وبشرة مبصرها للقرب منها والتناول وإن كان ليس بغرثان، والسلطان لم يفارق مجلسه الذي أبتدأ جلوسه فيه، وكل ذلك بمرأى منه ومسمع حتى يصلي هنالك صلاة الصبح. على هذا الأسلوب تمضي ليلة المصطفى صلى الله عليه وسلم في جميع أيام دولته، أعلى الله تعالى مقامه في عليين، وشكر له في ذلك صنيعه الجميل آمين.

وما من ليلة مولد مرت في أيامه إلا ونظم فيها قصيداً في مديح مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم، أول ما يبتدئ المسمع في ذلك الحفل العظيم بإنشاده، ثم يتلوه من رفع إلى مقامه العلي في تلك الليلة نظماً؛ انتهى وهوأتم مسافاً مما في " راح الأرواح ".

ولا باس أن نلم ببعض المقطوعات التي أنشأها الكاتب أبوزكريا يحيى ابن خلدون المذكور على لسان جارية المنجانة في مخاطبة السلطان أبي حمومعلمة بما مر من ليل، ففي مضي ساعين قوله (٢) :

أخليفة الرحمن والملك الذي ... تعنو لعز علاه أملاك البشر

لله مجلسك الذي يحكي علاً ... بك مالكي أفق السماء لمن نظر

أوما ترى فيه النجوم زواهراً ... وجه الخليفة بينهن هو القمر

والليل منه ساعتان قد انقضت ... تثني عليك ثنا الرياض على المطر

لا زال هذا الملك منصوراً بكم ... وبلغت مما ترتجي أسنى الوطر وقوله في مضي ثلاث ساعات:


(١) الأزهار: الطعام.
(٢) وردت هذه المطعات في بغية الرواد ٢: ٢١٩ - ٢٢٢ وأزهار الرياض ١: ٢٤٦ - ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>