قال أبو سعيد: سمعت أبا الحسن سهل بن مالك يقول: إنه دخل على ابن زهر وقد أسن وعليه زي البادية إذ كان يسكن بحصن سبتة فلم يعرفه فجلس حيث انتهى به المجلس (١) ، وجرّت المحاضرة أن أنشد لنفسه موشحة وقع فيها:
كحل الدجى يجري ... من مقلة الفجر على الصباح
ومعصم النهر ... في حلل خضر من البطاح فتحرك ابن زهر، وقال: أنت تقول هذا قال: اختبر، قال: ومن تكون فأخبره، فقال: ارتفع، فوالله ما عرفتك.
قال ابن سعيد: وسابق الحلبة التي أدركت هو أبو بكر ابن زهر، وقد شرّقت موشّحاته وغرّبت، قال: وسمعت أبا الحسن سهل بن مالك يقول: قيل لابن زهر: لو قيل لك: ما أبدع ما وقع لك في التوشيح فقال: كنت أقول:
ما للمولّه ... من سكره لا يفيق يا له سكران
[من غير خمر ... ما للكثيب المشوق يندب الأوطان]
هل تستعاد ... أيامنا بالخليج وليالينا
إذ يستفاد ... من النسيم الأريج مسك دارينا
وإذ يكاد ... حسن المكان البهيج أن يحيينا
نهر أظلّه ... دوح عليه أنيق مؤنق فينان
والماء يجري ... وعائم وغريق من جنى الريحان واشتهر بعده ابن حيون؛ إلى أن قال: وبعد هؤلاء ابن حزمون بمرسية، ذكر ابن ارائس أن يحيى الخزرجي دخل عليه في مجلسه، فأنشده موشّحة لنفسه، فقال له ابن حزمون: ما الموشّح بموشح حتى يكون عارياً من التكليف، فقال: على مثل ماذا فقال: