إذ يقود الدهر أشتات المنى ... ينقل الخطو على ما يرسم
زمراً بين فرادى وثنا ... مثلما يدعو الوفود المواسم
والحيا قد جلّل الروض سنا ... فثغور الزهر منه تبسم
وروى النعمان عن ماء السما ... كيف يروي مالك عن أنس
فكساه الحسن ثوباً معلما ... يزدهي منه بأبهى ملبس
في ليال كتمت سرّ الهوى ... بالدجى لولا شموس الغرر
مال نجم الكأس فيها وهوى ... مستقيم السير سعد الأثر
وطر ما فيه من عيب سوى ... أنّه مّر كلمح البصر
حين لّذ الأنس شيئا أو كما ... هجم الصبح هجوم الحرس
غارت الشهب بنا أو ربما ... أثرت فينا عيون النرجس
أي شيءٍ لامرىء قد خلصا ... فيكون الروض قد مكّن فيه
تنهب الأزهار منه الفرصا ... أمنت من مكره ما تتقيه
فإذا الماء تناجى والحصى ... وخلا كّل خليل بأخيه
تبصر الورد غيوراً برما ... يكتسي من غيظه ما يكتسي
وترى الآس لبيباً فهما ... يسرق السّمع بأذني فرس
يا أهيل الحيّ من وادي الغضا ... وبقلبي سكن أنتم به
ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا ... لا أبالي شرقه من غربه
فأعيدوا عهد أنس قد مضى ... تعتقوا عانيكم من كربه
واتقوا الله وأحيوا مغرما ... يتلاشى نفساً في نفس
حبس القلب عليكم كرما ... أفترضون عفاء الحبس