المهتدين، اشتهر سخفاً وجنوناً، وهجر مفروضاً ومسنوناً، فما يتشرّع، ولا يأخذ في غير الأضاليل ولا يشرع، ناهيك من رجل ما تطهّر من جنابة، ولا أظهر مخيلة إنابة، ولا استنجى من حدث، ولا أشجى فؤاده بتوارٍ في جدث، ولا أقر بباريه ومصوّره، ولا قرّ عن تباريه في ميدان تهوّره، الإساءة إليه أجدى من الإحسان، والبهيمة عنده أهدى من الإنسان، نظر في تلك التعاليم، وفكر في أجرام الأفلاك وحدود الأقاليم، ورفض كتاب الله الحكيم العليم، ونبذه وراء ظهره ثاني عطفه، وأراد إبطال ما لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، واقتصر على الهيئة، وأنكر أن تكون له إلى الله تعالى فيئة، وحكم للكواكب بالتدبير، واجترم على الله اللطيف الخبير، واجترأ عند سماع النهي والإيعاد، واستهزأ بقوله تعالى {إنّ الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد}(القصص: ٨٥) فهو يعتقد أن الزمان دور، وأن الإنسان نبات أو نور، حمامه تمامه، واختطافه قطافه، قد محي الإيمان من قلبه فما له فيه رسم، ونسي الرحمن لسانه فما يمرّ له عليه اسم، وانتمت نفسه إلى الضلال وانتسبت، ونفت {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت}(غافر: ١٧) ، فقصر عمره على طرب ولهو، واستشعر كلّ كبر وزهو، وأقام سوق المويسقى، وهام بحادي القطار وسقا، فهو يعكف على سماع التلاحين، ويقف عليه كل حين، ويعلن بذلك الاعتقاد، ولا يؤمن بشيء قادنا إلى الله تعالى في أسلس مقاد، مع منشإ وخيم، ولؤم أصل وخيم (١) ، وصورة شوّهها الله تعالى وقبحها، وطلعة إذا أبصرها الكلب نبحها، وقذارة يؤذي البلاد نفسها، ووضارة يحكي الحداد دنسها، وفند لا يعمر إلا كنفه، ولدد لا يقوّم إلا الصّعاد جنفه، وله نظم أجاد فيه بعض إجادة، وشارف الإحسان أو كاده،