فمن ذلك ما قاله في عبد حبشي كان يهواه، فاشتمل عليه أسرٌ سعّر حشاه (١) ، ونقله إلى حيث لم يعلم مثواه، فقال:
يا شائقي حيث لا أسطيع أدركه ... ولا أقول غداً أغدو فألقاه
أمّا النهار فليلي ضمّ شملته ... على الصّباح فأولاه كأخراه
أغرّ نفسي بآمالٍ مزورّة ... منها لقاؤك والأيّام تأباه وله فيه لمّا بلغه موته، وتحقّق عنده فوته:
ألا يا رزق والأقدار تجري ... بما شاءت نشا أو لا نشاء
هل أنت مطارحي شجوي فتدري ... وأدري كيف يحتمل القضاء
يقولون الأمور تكون دوراً ... وهذا فقده فمتى اللّقاء وله في الأمير أبي بكر ابن إبراهيم قدس الله تعالى تربته، وآنس غربته، مدائح انتظمت بلبّات الأوان، ونظمت على كل شتيت من الإحسان، فمن ذلك قوله:
توضّح في الدجى طرف ضرير ... سناً بلوى الصريمة يستطير
فيا بأبي ولم أبذل يسيراً ... وإن لم يكفهم ذاك الكثير
بريق لا تقل هو ثغر سلمى ... فتأثم، إنّه حوب وزور
فكيف وما أطلّ الليلُ منه ... ولا عبقت بساحته الخمور
تراءى بالسدير فزاد قلبي ... من البرحاء ما شاء السدير
فلولا أنّ يوم الحشر يقضي ... عليّ بحكم مولى لا يجور
دعوت على المشقّر أن يجازي ... بما تجزى به الدار الغرور