للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضرائر المستقلّين، لم يزل يعشو لكل ضوء، وينتجع مصاب كل نوء، فيوماً يخصب ويوماً يجدب، وآونة يفرح وأخرى ينتدب، إلى أن صدقت مخايله، فرمقت بخوته وتحايله، وأتى من العجب، بمنسدل الحجب، ومن الأشر، ما لم يأت من بشر، وما تصرف إلاّ في أنزل الأعمال، ولا تعرّف إلاّ بأخون العمال، لم يفرع ربوة ظهور، ولم يقرع باب رجل مشهور، وله أدب ولسن، ومذهب فيهما يستحسن، لكنّه نكب عن المقطع الجزل، وذهب مذهب الهزل، إلا في النادر فربما جدّ، ثم أخلق منه ما استجدّ، وعاد إلى ديدنه، عودة أبي عباد (١) إلى واواته ومدنه، وأخذ في ذلك الغرض، وليس شرط كتابي بذاءه، ولا أن يقف حذاءه، وقد أثبتّ له ما هو عندي نافق، ولغرض كتابي موافق، فمن ذلك قوله:

يا روضةً باتت الأنداء تخدمها ... أتى النسيم وهذا أوّل السّحر

إن كان قدك غصناً فالثراء به ... مثل الكمائم قد زرت على الزهر

اربأ بخديك عن ورد وعن زهر ... واغن بقرطيك عن شمس وعن قمر

يا قاتل الله لحظي كم شقيت به ... من حيث كان نعيم الناس بالنظر وله من رثاء في والدتي رحمة الله عليها:

يا ناصحي غير مفتات ولا شجن ... على النصائح والنصاح مفتات

لا أستجيب ولو ناديت من كثب ... قد وقذتني تعلاتٌ وعلاّت

إن كان رأيك في برّي وتكرمتي ... بحيث قد ظهرت منه علامات

لا ترض لي غير شجوٍ لا أفارقه ... فذاك أختاره والناس أشتات ومنها:

يا ذا الوزارة من مثنى وواحدة ... لله ما اصطنعت منك الوزارات


(١) أبو عباد هو معبد المغني، ومدنه ألحان له تسمى حصون معبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>