ما وجدت له في الغلمان، وأنشدت له في تلك الأزمان، فمن ذلك قوله رحمه الله تعالى:
إن ذكرت العقيق هاجك شوق ... ربّ شوقٍ يهيجه الادّكار
يا خليليّ حدّثاني عن الرك ... ب سحيراً أأنجدوا أم أغاروا
شغلونا عن الوداع وولوا ... ما عليهم لو ودّعوا ثمّ ساروا
أنا أهواهم على كلّ حالٍ ... عدلوا في هواهم أم جاروا وعلق بإشبيلية فتى يعرف بابن المكر، وبات من حبّه طريحاً بين أيدي الوساوس والفكر، لا يمشي إلاّ صبّاً، ولا يفشي إلا غراماً وحبّاً، ومازال يقاسي لوعته، مقاساة يناجي بها صرعته، ويكابد جواه، ويلازم هواه، حتى اكتسى خدّه بالعذار، وانمحت عنه بهجة آذار، فسلا من كلفه، وتصدى ذلك لمواصلته بصلفه، فقال:
الآن لمّا صوّحت وجناته ... شوكاً وأضحت سلوة العشاق
واستوحشت منه المحاسن واكتست ... أنوار وجهك واهن الأخلاق
أمسيت تبذل لي الوصال تصنّعاً ... خلق اللئيم وشيمة المذَّاق
هلا وصلت إذ الشمائل قهوة ... وإذ المحيّا روضة الأحداق
يا كم أطلت غرام قلب موجع ... كم قد ألبّ إليك بالأشواق
ما كنت إلا البدر ليلة تمّه ... حتى قضت لك ليلة بمحاق
لاح العذار فقلت وجد نازح ... إنّ ابن داية (١) مؤذن بفراق وله فيه مناقضاً لذلك الغرض، معارضاً للوعة سلوه الذي كان عرض:
يلومون في ظبيٍ تزايد حسنه ... بخطّين خطّا لوعتي وغراميا