بكوا رحمةً لي من ساعتي ... فقلت متى الوصل يا سادتي فقالوا قريبٌ قريبٌ قريبْ ... وهو وإن لم يكن في ذروة البلاغة فقد ذكرته لأنّه مطروق بالمغرب عند أهل التلاحين وغيرهم.
ولنذكر بعض نص خطبة المطمح، قال رحمه الله تعالى فيه: أمّا بعد حمد الله الذي أشعرنا إيماناً (١) وإلهاماً، وصير لنا أفهاماً، ويسّر لنا برود آداب، ونشرنا للانبعاث لإثباتها والانتداب، وصلّى الله على سيدنا محمد الذي بعثه رحمة، ونبّأه منة منه ونعمة، وسلّم تسليماً، فإنّه كان بالأندلس أعلام، فتنوا بسحر الكلام، ولقوا منه كل تحيّة وسلام، فشعشعوا البدائع وروّقوها، وقلدوها بمحاسنهم وطوقوها، ثم هووا في مهاوي المنايا، وانطووا بأيدي الرزايا، وبقيت مآثرهم الحسان، غير مثبتة في ديوان، ولا مجملة في تصنيف تجتلي فيه العيون، وتجتني منه زهر الفنون، إلى أن أراد الله تعالى إظهار إعجازها، واتصال صدورها بأعجازها، فحلللت من الوزير أبي العاصي حكم بن الوليد عند من رحّب وأهل، وأعلّ بمكارمه وأنهل، وندبني إلى أن أجمعها في كتاب، وأدركني من التنشط إلى إقبال ما ندب إليه، وكتابة ما حث عليه، فأجبت رغبته، وحليت بالإسعاف لبّته، وذهبت إلى إبدائها، وتخليد عليائها، وأمليت منها في بعض أيام، ثلاثة أقسام، القسم الأول: يشتمل على سرد غرر الوزراء، وتناسق درر الكتّاب والبلغاء. القسم الثاني: يشتمل على محاسن أعلام العلماء، وأعيان القضاة والحكماء. القسم الثالث: يشتمل على ذكر محاسن الأدباء، النوابغ النجباء؛ انتهى.