أحبب بما تطلع الجيوب ... منها وما تبرز الكلل
من أقمر ما لها مغيب ... وأغصنٍ زانها الميل
هيهات أن تعدل القلوب ... عنها ولو جارت المقل
لمّا توشحن بالغدائر ... سفرن عن أوجه صباح
فانهزم الليل وهو عاثر ... بذيله (١) واختفى الصباح
وأهيف ناعم الشمائل ... تهزّه نسمة الشّمال
فينثني كالقضيب مائل ... كما انثنى شارب ومال
له عذار كالنّدّ سائل ... لله كم من دم أسال
شقّت على نبته المراثر ... من داخل الأنفس الصحاح
تكل في وصفه الخواطر ... وتخرس الألسن الفصاح
ظبيٌ إلى الإنس لا يميل ... الشمس والبدر من حلاه
الحسن قالوا ولم يقولوا ... مبداه منه ومنتهاه
وطرفه الناعس الكحيل ... هيهات من سيفه النّجاه
أذلّ بالسحر كلّ ساحر ... فهو له خافض الجناح
يجول في باطن الضمائر ... كما يجول القضا المتاح
أما ترى الصبح قد تطلّع ... مذ غمضت أعين الغسق
والبدر نحو الغروب أسرع ... كهارب ناله فرق
والبررق بين السحاب يلمع ... كصارم حين يمتشق
وتحسب الأنجم الزواهر ... أسنّة ألقت الرماح
فانهزم النّهر وهو سائر ... فدرّعته يد الرياح
(١) المنهل: في ذيله.