للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأديب الفقيه أبو عبد الله محمد بن الحداد الشهير بالوادي آشي نزيل تلمسان المحروسة: كان على ظهر النسخة الرائقة الجمال، والفائقة الكمال، من الإحاطة بتاريخ غرناطة المحبّسة على المدرسة اليوسفية، من الحضرة العلية، بخط قاضي الجماعة، ومنفذ الأحكام الشرعية المطاعة، صدر البلغاء، وعلم العلماء، ووحيد الكبراء، وأصيل الحسباء، الوزير الرئيس المعظّم أبي يحيى ابن عاصم - رحمة الله تعالى عليه - ما نصّه: الحمد لله الجاعل الاستدلال بالأثر على المؤثر مما سلمه الأعلام، وشهدت به العقول الراجحة والأحلام، وهو الحجّة المعتمدة حين تتفاضل الألباب وتتقاصر الأفهام، وبه الاستمساك إن طرقت الشكوك أو عرضت الأوهام، وحسبك بما يسلم في هذا المقام العالي من الأدلة، وما يعتمد في هذا المجال المتضايق من البراهين المستقلّة، فحقيق أن يتلقى هذا النوع من الاستدلال فيما دون الفن المشار إليه بالقبول، ويستنبل المهتدي لاستنباطه لما فيه من التبادر للأفهام والتسابق للعقول، وإذا ثبت أن المستدل بهذه الأدلّة سالك على سواء سبيل، ومنتمٍ من صحة النظر إلى أكرم قبيل، فلا خفاء أن كتاب الإحاطة للشيخ الرئيس ذي الوزارتين أبي عبد الله ابن الخطيب - رحمه الله تعالى - من أثر هذه الدولة النّصرية أدامها الله تعالى بكل اعتبار، ومآثرها التي هي عبرة لأولي الألباب وذكرى لذوي الأبصار، أما الأول فلأن الأنباء التي أظهرت بهجتها، وأوضحت حجّتها، وشرفت مقصدها، وكرمت مصعدها، إنّما هي مناقب ملوكها الكرام، ومكارم خلفائها الأعلام، أو أخبار من اشتملت عليه دولتهم الشريفة من صدور حملة السيوف والأقلام، وأفذاذ حفظة الدّين والدنيا، والشرف والعليا، والملك والإسلام، أو ما يرجع إلى مفاخر حضرة الملك، وينتظم نظم الجمان في ذلك السلك، من حصانة قلعتها، وأصالة منعتها، وقديم اختطاطها، وكريم جهادها ورباطها، وحسن ترتيبها ووضعها، وما اشتمل عليه من مقاصد الأنس آهل ربعها، وما سوى هذه الأقسام الثلاثة فمن قبيل القليل، وممّا يرجع إلى شرف الحضرة ممّن انتابها

<<  <  ج: ص:  >  >>