للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أهل الفضل الواضح والمجد الأثيل، وأما ثانياً فإن راسم آياتها المتلوة، ومبدع محاسنها المجلوة، وناقل صورتها من الفعل إلى القوّة، إنّما هو حسنة من حسنات هذه الدولة النّصرية الكريمة، ونشأة من نشآت جودها الشامل النعمة الهامل الدّيمة، فما ظهر عليه من كمالات الأوصاف، على الإنصاف، فأخلاف هذه المكارم النصرية أرضعته، وعناياتها الجميلة أسمته فوق الكواكب ورفعته، وإليها ينسب إحسانه إن انتسب، ومن كريم تشريفها اكتسب، والحضرة هي منشؤه الذي عظم فيه قدره، بل أفقه الذي أشرق فيه بدره، والتشريفات السلطانية التي فتقت اللها باللها، وأحلّت من مراقي العز فوق السها، وأمكنت الأيدي من الذخائر والأعلاق، وطوّقت المنن كالقلائد في الأعناق، وقلدت الرياسة والأقلام أقلام، وثنت الوزارة والأعلام أعلام، فبهرت أنواع المحاسن، وورد معين البلاغة غير المطروق (١) ولا الآسن، وبرعت التواليف في الفنون المتعدّدة، وشاترهت التصانيف ومنها هذا التصنيف المشار إليه لما له من الأذمة المتأكّدة، إذ أظهر هذا الاستدلال، وأوضح البيان ما كتمه الإجمال، فلنفصح الآن بما قصد، ولنحقق من أنجم السعادة ما رصد، وذلك أن لمولانا أمير المسلمين، المجاهد في سبيل رب العالمين، الغالب بالله المؤيد بنصره أبي عبد الله محمد ابن الخلفاء النصريين، أيده الله ونصره، وسنّى له الفتح المبين ويسره، مآثر لم يسبق إليهها، ومكارم لم يجر أحد ممّن وسم بالكرم عليها، لجلالة قدرها، وضخامة أمرها، من ذلك هذا المقصد الذي أثر لها كالكتاب المذكور وسواه، ممّا هو واحد في فنّه وفذ في معناه، عقد في جميعها التحبيس على أهل العلم والطلبة بحضرته العليا هنالك ليشمل به الإمتاع، ويعم به الانتفاع، والله تعالى ينفع بهذا القصد الكريم، ويتولى المثوبة على هذا العقد الجسيم، وهذه النسخة في اثني عشر سفراً متفقة الخط والعمل، اكتتب هذا


(١) المطروق: الماء الذي بالت فيه الدواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>