فإذا دنت شمس الأصيل لغربها ... فإلى تلمسان الأصيلة فادخل
من باب ملعبها لباب حديدها ... متنزهاً في كلّ نادٍ أحفل
وتأنّ من بعد الدخول هنيهةً ... واعدل إلى قصر الإمام الأعدل
فهو المؤمّلُ والديار كنايةٌ ... والسرُّ في السكان لا في المنزل
فإذا أمير المؤمنين رأيته ... فالثم ثرى ذاك البساط وقبّل
فالمجد لفظ في الحقيقة مجملٌ ... وحلاه تفصيل لذك المجمل
بشرى لعبد الواد بالملك الذي ... خلصوا به من كلّ خطب معضل
بأعزّهم جاراً، وأمنعهم حمىً ... وأجلّهم مولى، وأعظم موئل
بالعادل المستنصر المنصور وال ... مأمون والمهديّ والمتوكّل
وكفاهم سعداً أبو حمو الذي ... يحمي حماهم بالحسام الفيصل
وبحسن نيّته لهم وبجده ... وبسعده وبسعيه المتقبّل
ذو الهمّة العليا التي آثارها ... حلّت به فوق السماك الأعزل
بحر الندى الأحلى وفخر المنتدى ... وسنا الدجى الأجلى وزين المحفل
ينهل منه لنا الجدا وبه الدجى ... تجلى بمشرق وجهه المتهلّل
هنىء به زمن الربيع وقلْ له ... بشرى بأملح من حلاك وأجمل
وعلى علاه من صنيعة فضله ... ترداد نافحة السلام الأكمل وكأنّه عارض بهذه القصيدة قطعة في بحرها ورويها في مدح مدينة فاس لبعض العلماء، وأظنّه القاضي المزدغي، وهي:
يا فاس حيّا الله أرضك من ثرى ... وسقاك من صوب الغمام المسبل
يا جنّة الدنيا التي أربت على ... حمص بمنظرها البهيّ الأجمل
غرف على غرف ويجري تحتها ... ماء ألذ من الرحيق السلسل
وبساتن من سندس قد زخرفت ... بجداول كالأيم أو كالفيصل
وبجامع القروين شرّف ذكره ... أنس بذكراه بهيج تململي