للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبها ولدت أنا وأبي وجدي وجد جدي، وقرأت بها ونشأت إلى أن ارتحلت عنها في زمن الشبيبة إلى مدينة فاس سنة تسع وألف، ثم رجعت إليها آخر عام عشرة وألف، ثم عاودت الرجوع إلى فاس سنة ثلاث عشرة وألف، إلى أن ارتحلت عنها للمشرق أواخر رمضان سنة سبع وعشرين وألف، ودخلت مصر برجب من عام ثمانية وعشرين وألف، والشام بشعبان عام سبعة وثلاثين وألف، وأبت منها إلى مصر أواخر شوّال من العام، وشرعت في هذا المؤلف بالقعدة من العام.

[ترجمة أبي مدين]

وقد تخرّج بتلمسان من العلماء والصلحاء ما لا ينضبط، ويكفيها افتخاراً دفن وليّ الله سيدي أبي مدين بها، وهو شعيب بن الحسين الأندلسي، شيخ المشايخ، وسيد العارفين، وقدوة السالكين، قال الشيخ أبو عبد الله محمّد ابن التلمساني في كتابه النجم الثاقب فيما لأولياء الله تعالى من المناقب: كان (١) الشيخ سيدي أبو مدين فرداً من أفراد الرجال، وصدراً من صدور الأولياء الأبدال، جمع الله له علم الشريعة والحقيقة، وأقامه ركن الوجود هادياً وداعياً للحق، فقصد بالزيارة من جميع الأقطار، واشتهر بشيخ المشايخ، وذكر التادلي وغيره أنّه خرج على يده ألف شيخ من الأولياء أولي الكرامات، وقال أبو الصبر كبير مشايخ وقته: كان أبو مدين زاهداً فاضلاً عارفاً بالله تعالى، خاض بحار الأحوال، ونال أسرار المعارف، خصوصاً مقام التوكّل، لا يشق غباره، ولا تجهل آثاره، قال التادلي: كان مبسوطاً بالعلم، مقبوضاً بالمراقبة، كثير الالتفات بقلبه إلى الله تعالى حتى ختم له بذلك، أخبرني من شهد وفاته أنّه رآه


(١) انظر نيل الابتهاج: ١٠٧ فأكثر هذه الترجمة منقول عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>