للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنزلوهم كلّهم، وسارت السفينة في الحال.

ومن كراماته أنّه لمّا اختلف طلبة بجاية في حديث إذا مات المؤمن أعطي نصف الجنّة وأشكل عليهم ظاهره: إذ يموت مؤمنين يستحقان كل الجنّة، فجاءوا إليه وهو يتكلّم على رسالة القشيري، فكاشفهم في الحال بلا سؤال، وقال لهم: المراد أنّه يعطى نصف جنته هو، فيكشف له عن مقعده ليتنعم به وتقر عينه، ثم النصف الآخر يوم القيامة.

وكان أولياء وقته يأتونه من البلدان للاستفتاء فيما يعرض لهم من المسائل.

وذكر تلميذه الصالح سيدي عبد الخالق التونسي عنه أنّه قال: سمعت برجل يسمى موسى الطيار يطير في الهواء ويمشي على الماء، وكان رجل يأتيني عند صدع الفجر فيسألني عن مسائل لا يفهمها الناس، فوقع ليلة في نفسي أنّه موسى الطيار الذي سمعت به، وطال عليّ الليل في انتظاره، فلمّا طلع الفجر نقر الباب رجل، فإذا هو الذي يسألني، فقلت له: أنت موسى الطيار فقال: نعم، ثم سألني وانصرف، ثم جاءني مع رجل آخر فقال لي: صلّينا الصبح ببغداد، وقدمنا مكة فوجدناهم في صلاة الصبح (١) ، فأعدنا معهم، وجلسنا (٢) حتى صلينا الظهر، وأتينا القدس فوجدناهم في الظهر، فقال لي صاحبي هذا: نعيد معهم، فقلت: لا، فقال لي: ولم أعدنا الصبح بمكّة فقلت له: كذلك كان شيخي يفعل، وبه أمرنا، فاختلفنا وأتيناك للجواب، فقال أبو مدين: فقلت لهم: أمّا إعادة الصبح بمكة فلأنّها بها عين اليقين، وببغداد علم اليقين، وعين اليقين أولى من علم اليقين، وصلاتكم الظهر بمكة - وهي أم القرى - فلذلك لا تعاد في غيرها، قال: فقنعا به وانصرفا.

وكان استوطن بجاية ويقول: إنّها معينة على طلب الحلال، ولم يزل بها


(١) ق: فوجدناهم في الظهر في صلاة الصبح.
(٢) نيل الابتهاج: فيقينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>