للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتنا خيّالين التحفنا بالضنى ... والسقم ما نخشى من الرقباء

حتى أفاق الصبح من غمراته ... وتجاذبت أيدي النّسيم ردائي

يا سائلي عن سرّ من أحببته ... السر عندي ميّت الأحياء

تالله لا أشكو الصبابة والهوى ... لسوى الأحبة أو أموت بدائي

يا دين قلبي لست أبرح عانياً ... أرضي بسقمي في الهوى وعنائي

أبكي وما غير النجيع مدامع ... أذكي، ولا ضرم سوى أحشائي

أهفو إذا تهفو البروق، وأنثني ... لسرى النواسم من رُبى تيماء

بالله يا نفس الحمى رفقاً بمن ... أغريته بتنفّس الصّعداء

عجباً له يندى على كبدي وقد ... أذكى بقلبي جمرة البرحاء

يا ساكني البطحاء أيّ إبانة ... لي عندكم يا ساكني البطحاء

أترى النوى يوماً تخيب قداحها ... ويفوز قدحي منكم بلقاء

في حيّكم قمرٌ فؤادي أفقه ... تفديه نفسي من قريب نائي

لم تنسني الأيام يوم وداعه ... والركب قد أوفى على الزّوراء

أبكي ويبسم والمحاسن تجتلي ... فعلقت بين تبسمٍ وبكاء

يا نظرة جاذبته (١) أيدي النّوى ... حتى استهلّت أدمعي بدماء

من لي بثانيةٍ تنادي بالأسى ... " قدك اتّئد أسرفت في الغلواء " (٢)

ولربّ ليل بالوصال قطعته ... أجلو دجاه بأوجه الندماء

أنسيت فيه القلب عادة حلمه ... وحثثت فيه أكؤس السرّاء

وجريت في طلق التصابي جامحاً ... لا أنثني لمقادة النصحاء

أطوي شبابي للمشيب مراحلاً ... برواحل الإصباح والإمساء


(١) الأزهار: جادت بها.
(٢) صدر بيت لأبي تمام؛ وتمامه: " كم تعذلون وأنتم سجرائي " ورواية الديوان: أربيت في الغلواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>