للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القطب. وحدثني أبو الحسن الصنهاجي من خواص خدّامه قال: خرجت معه مرة لصهريج غابة الرمان يوم عرفة، فجلسنا هناك وصلينا، فقال لي: إنّما سمي هذا اليوم يوم عرفة لانتشار الرحمة فيه لمن تعرّف إليه بالطاعات، وقد فاتنا عرفة، فتعال نمثل بهذا المكان ونعمل كما يعملون، لعلّ الله تعالى يتغمدنا برحمته معهم، فعمل (١) مكاناً داثراً بالعين الكعبة، ومحل عنصر الماء الحجر، وموضعاً آخر مقام إبراهيم، فطاف بالعين أسبوعاً وأنا أطوف بطوافه، وكبر على العنصر في كل طواف، وصلى في مثل (٢) المقام ركعتين تامتين، وأطال في سجود الثانية، ثم استند إلى الشجرة ثم قال لي: يا علي، اذكر كل حاجة لك من حوائج دنياك تقض، فإن الله تعالى وعد في هذا اليوم من تعرّف له أن يقضي حوائجه، فقلت له: ما أريد إلاّ التوفيق، فقال لي: ما خرجت معك من باب المدينة حتى وفقت، فسألته عن حاله من بدايته إلى نهايته، وبم تنفعل له الأشياء ويستجاب له الدعاء ولم صار يأمر بالصدقة والإيثار من شكا إليه حالاً أو تعذّر عليه مطلب في هذه الدار فقال لي: ما آمر الناس إلا بما ينتفعون به، وإنّي لمّا قرأت القرآن وقعدت بين يدي الشيخ أبي عبد الله الفخار تلميذ القاضي عياض ونظرت في كتب الأحكام وبلغت من السن عشرين سنة وجدت قوله تعالى {إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان} فتدبرته وقلت: أنا مطلوب به، فلم أزل أبحث عنها (٣) إلى أن وقفت على أنّها نزلت حين آخى النبي صلى الله عليه وسلّم بين المهاجرين والأنصار، وأنّهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلّم أن يعلمهم حكم المؤاخاة، فأمرهم بالمشاطرة، ففهمت أن العدل المأمور به في الآية هو المشاطرة، ثم نظرت إلى حديث " تفترق أمتي على ثلاثين فرقة - الحديث " وأنّه صلى الله عليه وسلّم


(١) ق: فعمد؛ نيل الابتهاج: فجعل.
(٢) في الأصل: قبل.
(٣) نيل الابتهاج: فبحثت عن الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>