للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاله صبيحة اليوم الذي آخى فيه ببن المهاجرين والأنصار، وذكر له الأنصار أنّهم شاطروا المهاجرين، فقال لهم ذلك بأثره (١) ، فعلمت أن الذي هو عليه وأصحابه المشاطرة والإيثار، فعقدت مع الله تعالى نيّة أن لا يأتيني شيء إلا شاطرت فيه الفقراء، فعملت (٢) عليه عشرين سنة، فأثمر لي الحكم بالخاطر (٣) ، فلا أحكم على خاطري بشيء إلا صدق، فلمّا أكملت أربعين سنة راجعت تدبر الآية فوجدت الشطر هو العدل، والإحسان ما زاد عليه، فعقدت مع الله تعالى نيّة لا يأتيني قليل ولا كثير إلا أمسكت ثلثه وصرفت الثلثين لله تعالى، فعملت عليه عشرين سنة، فأثمر لي الحكم في الخلق بالولاية والعزل فأولي من شئت، وأعزل من شئت، ثم نظرت بعد ذلك في أوّل ما فرضه الله تعالى على عباده في مقام الإحسان، فوجدت شكر النعمة، بدليل إخراج الفطرة عن المولود قبل أن يفهم ووجدت أصناف من تصرف إليهم الصدقات (٤) الواجبة [سبعة] وسبعة أصناف أخر صرفها فيها للإحسان والزيادة، وذلك أن لنفسك عليك حقّاً، وللزوجة حقّاً، وللرحم حقّاً، ولليتيم حقّاً، وللضعيف حقّاً، وذكر صنفين آخرين، فانتقلت لهذه الدرجة، وعقدت مع الله تعالى عقداً أن كل ما يأتيني أمسك سبعيه حق النفس وحق الزوجة وأصرف الخمسة أسباع لمستحقيها، فأقمت عليه أربعة عشر عاماً، فأثمر لي الحكم في السماء، فمتى قلت يا رب قال لي: لبيك، ثم قال لي: إنّها نهايتي بتمام عمري، وهو أن تنقضي لي ستة أعوام تكملة العشرين عاماً.

قال الصنهاجي: فأرخت ذلك اليوم، فلمّا مات وحضرت جنازته تذكرت التاريخ المكتوب، وحققت العدد، فنقصت من ستّة أعوام ثلاثة أيام خاصة،


(١) نيل الابتهاج: ذكر ذلك الحديث أثره.
(٢) نيل الابتهاج: فبقيت.
(٣) نيل الابتهاج: حكم الخاطر.
(٤) نيل الابتهاج: أضاف من يعطى الصدقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>