للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[؟ بيعة سليمان المستعين]

ولحق سليمان ابن أخيهما الحكم بجنود البربر، وقد اجتمعوا بظاهر قرطبة وتوامروا، فبايعوه ولقّ؟ بوه المستعين بالله، ونهضوا به إلى ثغر طليطلة، فاستجاش بابن أذفونش، ثم نهض في جموع البرابرة والنصرانية إلى قرطبة، وبرز إليه المهدي في كافة أهل البلد وخاصة الدولة، فكانت الدائرة عليهم، واستلحم منهم ما يزيد على عشرين ألفاً، وهلك من خيار الناس وأئمة المساجد وسدنتها ومؤذنيها عالم، ودخل المستعين قرطبة ختام المائة الرابعة. ولحق المهدي بطليطلة. واستجاش (١) بابن أذفونش ثانية، فنهض معه إلى قرطبة، وهزم المستعين والبرابرة بعقبة البقر (٢) من ظاهر قرطبة، ودخل قرطبة - أعني المهدي - وملكها، وخرج المستعين مع البربر، وتفرّقوا في البسائط ينهبون ولا يبقون على أحد، ثمّ ارتحلوا إلى الجزيرة الخضراء، فخرج المهدي ومعه ابن أذفونش لاتّباعهم، فكرّوا عليهم، فانهزم المهدي وابن أذفونش ومن معه من المسلمين والنصارى، وابتعهم المستعين إلى قرطبة، فأخرج المهدي هشاماً المؤيد للناس، وبايع له، وقام بأمر حجابتهن ظنّاً منه أن ذلك ينفعه، وهيهات، وحاصرهم وحاشية المؤيد بالمهديّ وأن الفتنة إنّما جاءت من قبله، وتولى كبر ذلك واضحٌ العامري، فقالوا المهديّ، واجتمع الكافّة على المؤيد، وقام واضحٌ بحجابته، واستمر الحصار، ولم يغن عن أهل قرطبة ما فعلوه شيئاً، إلى أن هلكت القرى والبسائط بقرطبة، وعدمت المرافق، وجهدهم الحصار، وبعث المستعين إلى أهل ابن أذفونش يستقدمهم (٣) لمظاهرته، فبعث إليهم هشام وحاجبه واضح يكفّونهم عن ذلك، بأن ينزلوا لهم عن ثغور قشتالة التي كان المنصور


(١) تاريخ ابن خلدون ٤: ١٥١.
(٢) عقبة البقر (El - Vacar) على عشرين كيلومتراً شمالي قرطبة.
(٣) ق: يستعدهم؛ ج: يستمدهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>