للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افتتحها (١) ، فسكن عن مظاهرتهم عزم أذفونش، ولم يزل الأمر حتى دخل المستعين قرطبة ومن معه من البربر عنوة سنة ثلاث وأربعمائة، وقتل هشام سرّاً، ولحق بيوتات قرطبة معرة في نسائهم وأبنائهم.

وظن المستعين (٢) أن قد استحكم أمره، وتوثبت (٣) البرابرة والعبيد على الأعمال، فولوا المدن العظيمة، وتقلّدوا البلاد (٤) الواسعة، مثل باديس بن حبّوس في غرناطة، والبرزالي في قرمونة، واليفرني في رندة، وخزرون (٥) في شريش، وافترق شمل الجماعة بالأندلس، وصار الملك طوائف في آخرين من أهل الدولة، مثل ابن عبّاد بإشبيلية، وابن الأفطس ببطليوس، وابن ذي النون بطليطلة، وابن أبي عامر ببلنسية، وابن هود بسرقسطة، ومجاهد العامري بدانية والجزائر ... (٦) وكان مائلاً لبني حمّود يهجو سليمان المستعين:

لا رحم الله سليمانكم ... فإنّه ضدّ سليمان

ذاك به غلّت شياطينها ... وحلّ هذا كلّ شيطان

فباسمه ساحت على أرضنا ... لهلك سكان وأوطان وكان من أعظم الأسباب في فساد دولة المستعين أنّه قال هذه الأبيات مستريحاً بها إلى خواصّه، وهي قوله:

حلفت بمن صلّى وصام وكبّرا ... لأغمدها فيمن طغى وتجبّرا (٧)

وأبصر دين الله تحيا رسومه ... فبدّل ما قد لاح منها (٨) وغيّرا


(١) ابن خلدون: اقتحمها.
(٢) لا يزال النقل عن ابن خلدون مستمراً.
(٣) ق: وترتبت.
(٤) بعض النسخ: الأعمال.
(٥) ق ج ط ك: وهرزون.
(٦) بياض في ط، وفي ك: قال ابن خلدون، وفي ق: وقال الشاعر.
(٧) ق: وتكبرا.
(٨) ك: كان منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>