للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا بلغه الخبر اضطرب، وثار عليه أهل قرطبة، ونقضوا طاعته، وخرج فحاصرهم فدافعوه، ولحق بإشبيلية فمنعوه، وكان بها ابنه فأخرجوه إليه، وضبطوا بلدهم، واستبدّ ابن عباد بملكها، ولحق المأمون بشريش، ورجع عنه البربر إلى يحيى المعتلي ابن أخيه، فبايعوه سنة خمس عشرة، وزحف إلى عمّه المأمون فتغلّب عليه ولم يزل عنده أسيراً وعند إخيه إدريس بمالقة إلى أن هلك بمحبسه سنة سبع وعشرين، وقيل: إنّه خنق كم سيأتي، واستقل المعتلي بالأمر، واعتقل ابني (١) عمّه القاسم.

وكان المستكفي من الأمويين استولى على قرطبة في هذه المدّة عندما أخرج أهلها العلوية، ثم خلع أهل قرطبة المستكفي الأموي سنة ست عشرة، وصاروا إلى طاعة المعتلي، واستعمل عليهم ابن عطّاف من قبله، ثمّ نقضوا سنة سبع عشرة، وصرفوا عاملهم، وبايعوا للمعتدّ الأموي أخي المرتضى، وبقي المعتلي يردّد لحصارهم العساكر إلى أن اتفقت الكلمة على إسلام الحصون والمدائن له، فعلا سلطانه، واشتدّ أمره إلى أن هلك سنة تسع وعشرين، اغتاله أصحابه بدسيسة ابن عبّاد الثائر بإشبيلية، فاستدعى أصحابه أخاه إدريس ابن علي [بن حمود] من سبتة وملّكوه، ولقبوه المتأيّد، وبايعته رندة وأعمالها والمريّة والجزيرة الخضراء، وبعث عساكره لحرب أبي القاسم إسماعيل ابن عبّاد والد المعتضد بن عباد، فجاءوه برأسهبعد حروب، وهلك ليومين بعد ذلك سنة إحدى وثلاثين، وبويع ابنه يحيى، ولم يتم له أمر، وبويع حسن المستنصر بن المعتلي، وفر يحيى إلى قمارش (٢) فهلك بها سنة أربع وثلاثين، ويقال: إنّه قتله نجا، وهلك حسن مسموماً بيد ابنة عمّه إدريس، ثأرت منه بأخيها، وكان إدريس بن يحيى المعتلي معتقلاً بمالقة فأخرج بعد خطوب وبويع بها، فأطاعته غرناطة وقرمونة، ولقّب العالي، وهو الممدوح بالقصيدة


(١) في الأصول: بني.
(٢) قمارش (Comares) .

<<  <  ج: ص:  >  >>