للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان لهؤلاء في الجهاد مواقف مشهورة، وسأذكر لك ما (١) كتب على قبر شيخ الغزاة عثمان بن أبي العلاء لتستدل عند ذلك على ما ذكرناه: بحمد الله تعالى هذا قبر شيخ الحماة، وصدر الأبطال الكماة، واحد الجلالة، ليث الإقدام والبسالة، علم الأعلام، حامي ذمار الإسلام، صاحب الكتائب المنصورة، والأفعال المشهورة، والمغازي المسطورة، وإمام الصفوف، القائم بباب الجنّة تحت ظلال السيوف، سيف الجهاد، وقاصم الأعاد، وأسد الآساد، العالي الهمم، الثابت القدم، الهمام المجاهد الأرضى، البطل الباسل الأمضى، المقدّس، المرحوم أبي سعيد عثمان ابن الشيخ الجليل الهمام الكبير، الأصيل الشهير، المقدّس المرحوم أبي العلاء إدريس بن عبد الله بن عبد الحق، كان عمره ثمانياً وثمانين سنة أنفقه ما بين روحة في سبيل الله وغدوة، حتى استوفى في المشهور سبعمائة واثنتين وثلاثين غزوةً، وقطع عمره مجاهداً مجتهداً في طاعة الرب، محتسباً في إدارة الحرب، ماضي العزائم في جهاد الكفّار، مصادماً بين جموعهم تدفّق التيّار، وصنع الله تعالى له فيهم من الصنائع الكبار، ما سار ذكره في الأقطار، أشهر من المثل السّيّار، حتى توفّي رحمه الله وغبار الجهاد طيّ أثوابه، وهو مراقب لطاغية الكفار وأحزابه، فمات على ما عاش عليه، وفي ملحمة الجهاد قبضه الله تعالى إليه، واستأثر يه سعيداً مرتضى، وسيفه على رأس ملك الروم منتضى، مقدّمة قبول وإسعاد، ونتيجة جهاد وجلاد، ودليلاً على نيته الصالحة، وتجارته الرابحة، فارتجّت الأندلس لبعده، أتحفه الله تعالى رحمة من عنده، توفّي يوم الأحد الثاني لذي الحجّة من عام ثلاثين وسبعمائة انتهى.

ومنها ما كتب به لسان الدين بن الخطيب - رحمه الله - في تولية علي ابن بدر الدين مشيخة الغزاة ما نصّه: هذا شيخ الغزاة الذي فتح على الإسلام


(١) ك: منها ما كتب؛ وفي ط بياض. وفي ج: فلنذكر منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>