للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منحرفة إلى الغرب، فاتخذ بها قصراً حسناً، ودحا جناناً واسعة، ونقل إليها غرائب الغروس وأكارم الشجر من كل ناحية، وأودعها ما كان استجلبه يزيد وسفرٌ رسولاه إلى الشأم من النوى المختار والحبوب الغريبة، حتى نمت بيمن الجدّ وحسن التربية في المدة القريبة أشجاراً معتمّة أثمرت بغرائب من الفواكه انتشرت عمّا قليل بأرض الأندلس، فاعترف بفضلها على أنواعها. قال: وسمّاها باسم رصافة جدّه هشام بأرض الشأم الأثيرة لديه، وامتثله في اختيار رصافته هذه (١) ، وكلفه بها وكثرة تردّده عليها، وسكناه أكثر أوقاته بها، فطار (٢) لها الذكر في أيّامه، واتصل من بعده في إيثارها.

قال: وكلّهم فضّلها، وزاد في عمارتها، وانبرى وصّاف الشعراء لها، فتناغوا (٣) في ذلك فيما هو إلى الآن مأثور (٤) عنهم، مستجاد منهم.

قال ابن سعيد: والرّمّان السّفري الذي فاض على أرجاء الأندلس، وصاروا لا يفضلون عليه سواه، أصله من هذه الرّصافة. وقد ذكر ابن حيّان شانه، وأفرد له فصلاً (٥) ، فقال: إنّه الموصوف بالفضيلة، المقدم على أجناس الرّمان بعذوبة الطعم، ورقّة العجم، وغزارة الماء، وحسن الصورة، وكان رسوله إلى الشأم في توصيل أخيته (٦) منها إلى الأندلس قد جلب طرائف منها من رمّان الرصافة المنسوبة إلى هشام، قال: فعرضه عبد الرحمن على خواص رجاله مباهياً به، وكان فيمن حضره منهم سفر بن عبيد الكلاعي من جند الأردن، ويقال: هو من الأنصار الذين كانوا يحملون ألوية رسول الله صلى الله عليه وسلّم في غزواته، قال: وهم يحملون الألوية بين يدي الخلفاء من بني


(١) ك: ولميله في اختياره هذه.
(٢) ك: طار.
(٣) في ك: فتنازعوا.
(٤) ك: مشهور مأثور.
(٥) ج: وأفرد فضله.
(٦) في ك: أخته.

<<  <  ج: ص:  >  >>