للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمية، فأعطاه من ذلك الرمان جزءاً فراقه حسنه وخبره، فسار به إلى قرية بكورة ريّة فعالج عجمه واحتال لغرسه وغذائه وتنقيله حتى طلع شجراً أثمر وأينع، فنزع إلى عرقه، وأغرب في حسنه، فجاء به عمّا قليل إلى عبد الرحمن، فإذا هو أشبه شيء بذلك الرصافي، فسأله الأمير عنه، فعرّفه وجه حيلته، فاستبرع استنباطه، واستنبل همّته، وشكر صنعه، وأجزل صلته واغترس منه بمنية الرصافة وبغيرها من جناته، فانتشر نوعه، واستوسع الناس في غراسه، ولزمه النسب إليه، فصار يعرف إلى الآن بالرمان السّفري.

قال: وقد وصف هذا الرمان أحمد بن فرج (١) الشاعر في أبيات كتب بها إلى بعض من أهداه له، فقال:

ولابسة صدفاً أحمرا ... أتتك وقد ملئت جوهرا

كأنّك فاتح حقّ لطيفٍ ... تضمّن مرجانه الأحمرا

حبوباً كمثل لثات الحبيب ... رضاباً إذا شئت أو منظرا

وللسّفر تعزى وما سافرت ... فتشكو النّوى أو تقاسي السّرى

بلى فارقت أيكها ناعماً ... رطيباً وأغصانها نضّرا

وجاءتك معتاضةً إذ أتتك ... بأكرم من عودها عنصرا

بعودٍ ترى فيه ماء النّدى ... ويورق من قبل أن يثمرا

هدية من لو غدت نفسه ... هديّته ظنّه قصّرا وقال ابن سعيد: وأخبرني والدي قال: أخبرني الوشّاح المبرّز المحسن أبو الحسن المريني (٢) قال: بينما أنا أشرب مع ندماني بإزاء الرّصافة، إذا بإنسان


(١) هو ابن فرج صاحب كتاب الحدائق، الذي ألفه للحكم المستنصر، من شعراء عصر الخلافة الأموية، جرى عليه ايام الحكم ما أدى إلى سجنه وتوفي حوالي ٣٦٦؛ (انظر ترجمته في الجذوة ٩٧ وبغية الملتمس رقم: ٣٣١ ومعجم الأدباء ٤: ٢٣٦ والصلة ١١، ومسالك الأبصار ١١: ١٩٥ والمغرب ٢: ٥٦ والمطمح ٧٩ والوافي ج؟ ٨ الورقة: ٣٤ وله اشعار في اليتيمة) .
(٢) هو علي بن المريني أبو الحسن، شاعر وشاح توفي في مدة منصور بني عبد المؤمن وكان كثير التجول (المغرب ٢: ٢١٣) وسيورد المقري له موشحة في سد قرطبة، وفي المغرب موشحة تنازع نسبتها هو واليكي (٢: ٢١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>