للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاهتزاز لموقع نادرته، فقال: والدليل على ذلك أنّكم طربتم لما جئت به أكثر ممّا طربتم من شعركم.

ثم قال ابن سعيد: ومن منتزهات قرطبة المشهورة فحص السرادق، مقصود للفرجة، يسرح (١) فيه البصر، وتبتهج فيه النفس، وأخبرني والدي عن أخيه أبي جعفر بن عبد الملك بن سعيد قال: خرجت مع الشريف الأصم القرطبي إلى بسيط الجزيرة الخضراء - وقد تدبج بالأنوار (٢) - فلمّا حركنا حسن المكان، وتشوقنا إلى الأركان (٣) ، قال الشريف: لقد ذكرني هذا البسيط بسيط فحص السرادق، فقلت له: فهل ثار في خاطرك (٤) نظم فيه؟ قال: نعم، ثم أنشد:

ألا فدعوا ذكر العذيب وبارق ... ولا تسأموا من ذكر فحص السّرادق

مجرّ ذيول السّكر من كلّ مترف ... ومجرى الكؤوس المترعات السّوابق

قصرت عليه اللّحظ ما دمت حاضراً ... وفكري في غيبٍ لمرآه شائقي

أيا طيب أيّام تقضّت بروضةٍ ... على لمح غدرانٍ وشمّ حدائق

إذا غرّدت (٥) فيه حمائم دوحها ... تخيّلتها الكتّاب بين المهارق

وما باختيار الطّرف فارقت حسنها ... ولكن بكيدٍ من زمانٍ منافق قال أبو جعفر: فلمّا سمعت هذا الشعر لم أتمالك من الاستعبار، وحرّكني ذلك إلى أن قلت في حور (٦) مؤمل سيد منتزهات غرناطة، ولم يذكر هنا ما قاله فيه، وذكره في موضع آخر لم يحضرني الآن حتى أورده هنا، والله أعلم.

ومن منتزهات قرطبة السّدّ، قال ابن سعيد: أخبرني والدي أن الشاعر


(١) ق: ليسرح.
(٢) ك: بالنوار.
(٣) لعل الصواب: الأوطان.
(٤) ك: خاطركم.
(٥) ق: رددت؛ ط ج: وردت.
(٦) بعض النسخ: حوز.

<<  <  ج: ص:  >  >>