للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثمانين ألف دينار، ومن السوق والمستخلص (١) سبعمائة ألف دينار وخمسة وستون ألف دينار، وهي من أهول ما بناه الإنس، وأجلّه خطراً، وأعظمه شأناً، ذكر ذلك كلّه ابن بشكوال في تاريخ الأندلس، انتهى كلامه.

وحكى في المطمح (٢) أن الوزير الكبير الشهير أبا الحزم بن جهور قال وقد وقف على قصور الأمويين التي تقوّضت أبنيتها، وعوّضت من أنيسها بالوحوش (٣) أفنيتها:

قلت يوماً لدار قوم تفانوا: ... أين سكّانك العزاز علينا؟

فأجابت: هنا أقاموا قليلاً، ... ثم ساروا، ولست أعلم أينا وفيه (٤) أن أبا عامر بن شهيد بات ليلة بإحدى كنائس قرطبة وقد فرشت بأضغاث آس، وعرشت بسرورٍ وائتناس، وقرع النواقيس يهيج سمعه، وبرق الحميّا يسرع (٥) لمعه، والقس قد برز في عبدة المسيح، ومتوشّحاً بالزنانير أبدع توشيح، وقد هجروا الأفراح، واطّرحوا النعم كل اطّراح:

لا يعمدون إلى ماء بآنيةٍ ... إلاّ اغترافاً من الغدران بالراح وأقام بينهم بعملها حميّا، كأنّما يرشف من كأسها شفة لميا، وهي تنفح له بأطيب عرف، كلّما رشفها أعذب رشف، ثم ارتجل، بعدما ارتحل، فقال:

ولربّ حانٍ قد شممت بديره ... خمر الصبا مزجت بصرف عصيره

في فتية جعلوا السّرور شعارهم ... متصاغرين تخشّعاً لكبيره


(١) ك: المستخلصة؛ ج ق ط: ومن السوق المستخلص.
(٢) انظر المطمح: ١٥.
(٣) ك: بالوحش.
(٤) المطمح: ١٨.
(٥) ق ط: يسرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>