للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاشية ارباب دولته، ونقش صورتها على الباب، فلمّا قعدت الزهراء في مجلسها نظرت إلى بياض المدينة وحسنها في حجر الجبل الأسود، فقالت: يا سيّدي، ألا ترى إلى حسن هذه الجارية الحسناء في حجر ذلك الزنجي؟ فأمر بزوال ذلك الجبل، فقال بعض جلسائه: أعيذ أمير المؤمنين أن يخطر له ما يشين العقل سماعه، لو اجتمع الخلق ما أزالوه حفراً ولا قطعاً، ولا يزيله إلاّ من خلقه، فأمر بقطع شجره وغرسه تيناً ولوزاً، ولم يكن منظر أحسن منها، ولا سيّما في زمان الإزهار وتفتّح الأشجار (١) ، وهي بين الجبل والسهل، انتهى ببعض اختصار.

[وصف ابن خلّكان للزهراء]

وقال ابن خلكان (٢) في ترجمة المعتمد بن عباد ما صورته (٣) : الزّهراء - بفتح الزاي وسكون الهاء وفتح الراء، وبعدها همزة ممدودة -[سراية] وهي من عجائب أبنية الدنيا، وأنشأها أبو المظفّر (٤) عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الملقّب بالناصر، أحد ملوك بني أميّة بالأندلس، بالقرب من قرطبة، في أول سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، ومسافة ما بنيهما أربعة أميال وثلثا ميل، وطول الزهراء من الشرق إلى الغرب ألفان وسبعمائة ذراع، وعرضها من القبلة إلى الجنوب ألف وخمسمائة ذراع، وعدد السواري التي فيها أربعة آلاف سارية وثلاثمائة سارية، وعدد أبوابها يزيد على خمسة عشر ألف باب؛ وكان الناصر يقسم جباية البلاد أثلاثاً: فثلث للجند، وثلث مدخر، وثلث ينفقه على عمارة الزهراء، وكانت جباية الأندلس خمسة آلاف ألف دينار وأربعمائة ألف


(١) ق: وتفتح الأزهار.
(٢) في ج: وقال ابن خلدون.
(٣) وفيات الأعيان ٤: ١١٧.
(٤) كذا في الأصول وابن خلكان، والصواب: أبو المطرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>