للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنصور - في مذاهبها، وتنافرت في مفاخرها، فإليه (١) مفزعها، وهو المقنع في فصل القضيّة بينها لاستيلائه على المفاخر بأسرها، وعلمه بسرّها وجهرها، وقد ذهب البهار والنرجس في وصف محاسنهما، والفخر بمشابههما، كل مذهب، وما منها إلا ذو فضيلة غير أن فضلي عليهما أوضح من الشمس التي تعلونا، وأعذب من الغمام الذي يسقينا، وإن كانا قد تشبّها في شعرهما ببعض ما في العالم من جواهر الأرض ومصابيح السماء وهي من الموات الصامت، فإنّي أتشبّه بأحسن ما زيّن الله بها الإنسان وهو الحيوان الناطق، مع أنّي أعطر منهما عطراً، وأحمد خبراً، وأكرم إمتاعاً شاهداً وغائباً ويانعاً وذابلاً، وكلاهما لا يمتع، إلاّ ريثما يينع (٢) ، ثم إذا ذبل تستكره النفوس (٣) شمّه، وتستدفع الأكفّ ضمّه، وأنا أمتع يابساً ورطباً، وتدخرني الملوك في خزائنها (٤) وسائر الأطباء، وأصرف في منافع الأعضاء، فإن فخرا باستقلالهما على ساق هي أقوى من ساقي، فلا غرو أن الوشي ضعيف، والهوى لطيف، والمسك خفيف، وليس المجد يدرك بالصّراع، وقد أودعت أيّد الله مولانا قوافي الشعر من وصف مشابهي ما أودعاه، وحضرت بنفسي لئلاّ أغيب عن حضرتهما، فقديماً فضل الحاضر وإن كان مفضولاً، ولذا قالوا: ألذ الطعام ما حضر لوقته، وأشعر الناس من أنت في شعره، فلمولانا أتم الحكم في أن يفصل بحكمه العدل، وأقول:

شهدت لنوّار البنفسج ألسنٌ ... من لونه الأحوى ومن إيناعه (٥)


(١) البديع: فإليك، وكذلك جرى الضمير في سائر الرسالة للخطاب، وفي النصين اختلافات كثيرة، نشير إلى بعضها.
(٢) البديع: وكلاهما لا يمتعك إلا ريثما يبدو للعيون ويسلم من الذبول.
(٣) البديع: ثم تستكثره الأنوف.
(٤) البديع: فإن هذه الحال من الاستمتاع بي رطباً وإدخاري في خزائن الملوك جافاً.
(٥) ق ط ج: ومن أتباعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>