للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورثّاً، لا زلت لزناد النبل مورياً، وإلى آماد الفضل مجرياً، والتحيّة العبقة الريّا، المشرقة المحيّا، عليك ما طلع قمر، وأينع ثمر، ورحمة الله تعالى وبركاته، انتهى.

[تمام الحديث في متعلقات الجامع]

وذكر ابن بشكوال أن الحكم المستنصر هدم الميضأة القديمة التي كانت بفناء الجامع، يستسقى لها الماء من بئر السانية، وبنى موضعها أربع ميضآت في كل جانب من جانبي المسجد الشرقي والغربي منها ثنتان كبرى للرجال وصغرى للنساء، أجرى في جميعها الماء في قناة اجتلبها من سفح جبل قرطبة إلى أن صبت ماءها في أحواض رخام لا ينقطع جريانه الليل والنهار، وأجرى فضل هذا الماء العذب إلى سقايات اتخذهن على أبواب هذا المسجد بجهاته الثلاث الشرقية والغربيّة والشمالية، أجراها هنالك إلى ثلاث جواب من حياض الرخام استقطعها بمقطع المنستير (١) بسفح جبل قرطبة بالمال الكثير، وألقاه الرخّامون (٢) هنالك، واحتفروا أجوافها بمناقيرهم في المدّة الطويلة حتى استوت في صورها البديعة لأعين الناس، فخفّف ذلك من ثقلها، وأمكن من إهباطها إلى أماكن نصبها بأكناف المسجد الجامع، وأمد الله تعالى على ذلك بمعونته، فتهيّأ حمل الواحدة منهافوق عجلة كبيرة اتخذت من ضخام خشب البلوط على فلكٍ موثقة بالحديد المثقّف محفوفة بوثاق الحبال قرن لجرّها سبعون دابة من أشد الدواب، وسهلت قدامها الطرق والمسالك، وسهل الله تعالى حملها واحدة بعد أخرى على هذه الصفة في مدة اثني عشر يوماً، فنصبت في الأقباء المعقودة لها، قال: وابتنى المستنصر في غربي الجامع دار الصدقة، واتخذها معهداً لتفريق صدقاته المتوالية،


(١) في ط: المنسير؛ ق: النسير؛ ج: المنتسين.
(٢) ك: الرخاميون.

<<  <  ج: ص:  >  >>