للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنّهم ردٌ خلال قطر، أو حروف في عرض (١) سطر، حتى إذا قرعت أسماعهم روعة التسليم، تبادروا بالتكليم، وتجاذبوا بالأثواب، وتساقوا بالأكواب، كأنّهم حضور طال عليهم غياب، أو سفر أتيح لهم إياب، وصفيّك مع إخوان صدق، تنسكب العلوم بينهم انسكاب الودق، في مكان كوكر العصفور، أستغفر الله أو ككناس اليعفور، كأن إقليدس قد قسم بيننا مساحته بالموازين، وارتبطنا فيه ارتباط البيادق بالفرازين، حتى صار عقدنا لا يحلّ، وحدّنا لا يفلّ، بحيث نسمع سور التنزيل كيف تتلى، ونتطّلع صور التفصيل (٢) كيف تجلى، والقومة حوالينا يجهدون في دفع الضرر، ويعمدون إلى قرع العمد بالدّرر، فإذا سمع بها الصبيان قد طبّقت الخافقين، وسرت نحوهم (٣) سرى القين، توهموا أنّها إلى أعطافهم واصلة، وفي أقحافهم حاصلة، ففروا بين الأساطين، كما تفرّ من النجوم الشياطين، كأنّما ضربهم أبو جهم (٤) بعصاه، أو حصبهم عمير بن ضابئ (٥) بحصاه، فأكرم بها مساعٍ تشوق إلى جنّة الخلد، ويهون في السعي إليها إنفاق الطوارف والتّلد، تعظيماً لشعائر الله، وتنبيهاً لكل ساهٍ ولاه، أدام الله عزّك، منظراً منها أبهى، ولا مخبراً أشهى، وإذا لم تتأمّله عياناً، فتخيّله بياناً، وإن كان حظ منطقي من الكلام، حظ السفيح (٦) من الأزلام، لكن ما بيننا من مودة أكدنا وسائلها، وأذمّة تقلدنا حمائلها، يوجب قبول إتحافي سميناً وغثّاً، ولبس إلطافي جديداً


(١) ق ودوزي: عروض، وما ثبت هنا في نسخة ك ط ج.
(٢) ق ط: التفضيل.
(٣) دوزي: بعدهم.
(٤) فيه إشارة إلى ما قاله الرسول (ص) في أبي جهم العدوي من أنه لا يرفع عصاه عن أهله.
(٥) عمير بن ضابئ البرجمي ممن حصب الحجاج حين جلس على منبر الكوفة.
(٦) السفيح: قدح لا نصيب له في الميسر، وكذلك المنيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>