للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحضور مجلسه كان ممّا ألقاه إليهم منزع المقّري (١) هذا، فبالغوا في إنكاره، ورأوا أنّه لا معدل عمّا عول عليه زعماء الفقهاء كابن رشد وأصحاب الوثائق كالمتيطي من اعتماد عمل أهل قرطبة ومن في معناهم، انتهى.

[رجع إلى وصف قرطبة ومسجدها]

وقال بعض المؤرخين - حين ذكر قرطبة - ما ملخّصه: هي قاعدة بلاد الأندلس، ودار الخلافة الإسلاميّة، وهي مدينة عظيمة، وأهلها أعيان البلاد وسراة الناس، في حسن المآكل والمشارب (٢) واللابس والمراكب، وعلو الهمم وبها أعلام العلماء، وسادات الفضلاء، وأجلاد الغزاة، وأنجاد الحروب، وهي في تقسيمها خمس مدن يتلو بعضها بعضاً، وبين المدينة والمدينة سور عظيم حصين حاجز، وكل مدينة مستقلّة بنفسها، وفيها ما يكفي أهلها من الحمّامات والأسواق والصناعات، وطول قرطبة ثلاثة أميال في عرض ميل واحد، وهي في سفح جبل مطل عليها، وفي مدينتها الثالثة وهي الوسطى القنطرة والجامع الذي ليس في معمور الأرض مثله وطوله مائة ذراع في عرض ثمانين، وفيه من السواري الكبار ألف سارية، وفيه مائة وثلاث عشرة ثريّا للوقود أكبرها تحمل ألف مصباح، وفيه من النقوش والرقوم ما لا يقدر أحد على وصفه، وبقبلته صناعات تدهش العقول، وعلى فرجة (٣) المحراب سبع قسيّ قائمة على عمد طول كل قوس فوق القامة قد تحير الروم والمسلمون في حسن وضعها، وفي عضادتي المحراب أربعة أعمدة: اثنان أخضران واثنان لازورديان، ليس لها قيمة لنفاستها، وبه منبر ليس على معمور الأرض أنفس منه ولا (٤) مثله في حسن صنعته، وخشبه


(١) ك: مشرع المقري.
(٢) والمشارب: زيادة من ك.
(٣) ق ودوزي: فرخة؛ ط: فرضة.
(٤) أنفس منه ولا: زيادة من ك.

<<  <  ج: ص:  >  >>