عدد السواري، وإلاّ أن يقال: ما تقدم باعتبار الصغار والكبار، وهذا العدد الذي ذكره هنا إنّما هو للكبار فقط، كما صرح به، والله تعالى أعلم.
وأمّا الثريات فقد خالف في عددها ما تقدّم، مع أن المتقدّم هو قول ثقات مؤرخي الأندلس، ونحن جلبنا النقل من مواضعه، وإن اختلفت طرقه ومضموناته.
وقال في المغرب - عند تعرّضه لذكر جامع قرطبة - ما نصّه: اعتمدت فيما أنقله (١) في هذا الفصل على كتاب ابن بشكوال، فقد اعتنى بهذا الشأن أتم اعتناء، وأغنى عن الاستطلاع إلى كلام غيره: عن الرازي أنّه لما افتتح المسلمون الأندلس امتثلوا ما فعله أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد عن رأي عمر رضي الله تعالى عنه بالشام من مشاطرة الروم في كنائسهم مثل كنيسة دمشق وغيرها ممّا أخذوه صلحاً، فشاطر المسلمون أعاجم قرطبة كنيستهم العظمى التي كانت داخل مدينتها تحت السور، وكانوا يسمّونها بشنت بنجنت، وابتنوا في ذلك الشطر مسجداً جامعاً، وبقي الشطر الثاني بأيدي النصارى، وهدمت عليهم سائر الكنائس بحضرة قرطبة، واقتنع المسلمون بما في أيديهم، إلى أن كثروا، وتزيدت عمارة قرطبة، ونزلها أمراء العرب، فضاق عنهم ذلك المسجد وجعلوا يعلقون منه سقيفة بعد سقيفة يستكنّون بها، حتى كان الناس ينالون في الوصول إلى داخل المسجد الأعظم مشقّة لتلاصق السقائف، وقصر أبوابها، وتطامن سقفها، حتى ما يمكن أكثرهم القيام على اعتدال لتقارب سقفها من الأرض، ولم يزل المسجد على هذه الصفة إلى أن دخل الأمير عبد الرحمن بن معاوية المرواني إلى الأندلس، واستولى على إمارتها، وسكن دار سلطانها قرطبة، وتمدّنت به، فنظر في أمر الجامع، وذهب إلى توسعته وإتقان بنيانه، فأحضر أعاظم النصارى،