للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسامهم بيع ما بقي بأيديهم من كنيستهم لصق الجامع ليدخله فيه، وأوسع لهم البذل وفاء بالعهد الذي صولحوا عليه، فأبوا من بيع ما بأيديهم، وسألوا بعد الجد بهم أن يباحوا بناء كنيستهم (١) التي هدمت عليهم بخارج المدينة على أن يتخلّوا للمسلمين عن هذا الشطر الذي طولبوا به، فتم الأمر على ذلك، وكان ذلك سنة ثمان وستين ومائة، فابتنى عند ذلك عبد الرحمن المسجد الجامع على صفة ذكرها لا حاجة إلى تفسير (٢) الزيادة فيه، وإنّما الحاجة في وصفه بكماله. وفي بنائه لهذه الزيادة يقول دحية بن محمد البلوي (٣) من قصيدة:

وأنفق في دين الإله ووجهه ... ثمانين ألفاً من لجينٍ وعسجد

توزّعها في مسجد أسّه التّقى ... ومنهجه دين النبي محمد

ترى الذهب الناريّ فوق سموكه ... يلوح كبرق العارض المتوقّد قال: وكمل سنة سبعين ومائة؛ ثم ذكر زيادة ابنه هشام الرضى وما جدّده فيه، وأنّه بناه من خمس فيء أربونة، ثم زيادة ابنه عبد الرحمن الأوسط لما تزايد الناس، قال: وهلك قبل أن يتم الزخرف، فأمّها ولده محمد بن عبد الرحمن (٤) ، ثم رمّ المنذر بن محمد ما وهى منه، وذكر ما جدده خليفتهم الناصر ونقضه للصومعة الأولى وبنيانه للصومعة العظيمة، قال: ولمّا ولي الحكم المستنصر بن الناصر؟ وقد اتسع نطاق قرطبة، وكثر أهلها، وتبين الضيق في جامعها؟ لم يقدّم شيئاً على النظر في الزيادة، فبلغ الجهد، وزاد الزيادة العظمى، قال: وبها كملت محاسن هذا الجامع، وصار في حدّ يحسر (٥) الوصف عنه، وذكر حضوره لمشاورة العلماء في تحريف القبلة إلى نحو المشرق، حسبما فعله


(١) ق ط: كنائسهم.
(٢) ق: في تفسير.
(٣) ق ودوزي: البلوني. والأبيات في مخطوطة الرباط: ٩٥ مصدرة بقوله: قال بعضهم.
(٤) لما تزايد ... عبد الرحمن: سقطت من ق - وهو سهو واضح -.
(٥) ك: يقصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>