للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لدين الله، وقد تقدّم ذكره، وهي من المدن الجليلة العظيمة القدر، قال ابن الفرضي وغيره: كان يعمل (١) في جامعها حين شرع فيه من حذّاق الفعلة كلّ يوم ألف نسمة منها ثلاثمائة بنّاء ومائتا نجّار وخمسمائة من الأجراء وسائر الصنائع، فاستتم بنيانه وإتقانه في مدّة من ثمانية وأربعين يوماً، وجاء في غاية الإتقان من خمسة أبهاء عجيبة الصّنعة، وطوله من القبلة إلى الجوف - حاشا المقصورة - ثلاثون ذراعاً، وعرض كل بهو من الأربعة المكتنفة له اثنا عشر ذراعاً، وطول صحنه المكشوف من القبلة إلى الجوف ثلاثة وأربعون ذراعاً، وعرضه من الشرق إلى الغرب واحد وأربعون ذراعاً، وجميعه مفروش بالرخام الخمري، وفي وسطه فوّارة يجري فيها الماء، فطول هذا المسجد أجمع من القبلة إلى الجوف - سوى المحراب - سبعة وتسعون ذراعاً، وعرضه من الشرق إلى الغرب تسعة وخمسون ذراعاً، وطول صومعته في الهواء أربعون ذراعاً، وعرضها عشرة أذرع في مثلها.

وأمر الناصر لدين الله باتخاذ منبر بديع لهذا المسجد، فصنع في نهاية من الحسن، ووضع في مكانه منهن وحظرت حوله مقصورة عجيبة الصنعة، وكان وضع هذا المنبر في مكانه من هذا المسجد عند إكماله يوم الخميس لسبع بقين من شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.

قال (٢) : وفي صدر هذه السنة كمل للناصر بنيان القناة الغريبة الصنعة التي جرى (٣) فيها الماء العذب من جبل قرطبة إلى قصر الناعورة غربي قرطبة، في المناهر المهندسة، وعلى الحنايا المعقودة، يجري ماؤها بتدبير عجيب وصنعة محكمة إلى بركة عظيمة، عليها أسدٌ عظيم الصورة بديع الصنعة شديد الروعة لم يشاهد


(١) قارن بما في أزهار الرياض ٢: ٢٦٥ - ٢٦٦.
(٢) المصدر السابق ٢: ٢٦٦، وسقطت كلمة " قال " من ق ط ج ومطبوعة ليدن.
(٣) ك: التي أجراها وجرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>