للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هذا ارتجاله، فكيف تكون رويّته؟ فقال ابن العريف: إنّما أنطقه وقرّب عليه المأخذ إحسانك، فقال له صاعد: فيخرج من هذا أن قلة إحسانه لك أسكتتك وبعّدت عليك المأخذ، فضحك المنصور وقال: غير هذه المنازعة أليق بأدبكما.

قلت: وقد ذكر مؤرخو الأندلس منىً كثيرة بها: منها منية الناعورة السابقة، ومنية العامرية هذه، ومنية السرور، ومنية الزبير منسوبة إلى الزبير بن عمر الملثم ملك قرطبة.

قال أبو الحسن بن سعيد (١) : أخبرني أبي عن أبيه قال: خرج معي إلى هذه المنية في زمان فتح نوّار اللوز أبو بكر بن بقيّ الشاعر المشهور، فجلسنا تحت سطر لوز قد نوّر، فقال ابن بقيّ:

سطرٌ من اللوز في البستان قابلني ... ما زاد شيء على شيء ولا نقصا

كأنّما كلّ غصنٍ كمّ جارية ... إذا النّسيم ثنى أعطافه رقصا ثم قال:

عجبت لمن أبقى على خمر دنّه ... غداة رأى لوز الحدية نوّرا وذكر بعض مؤرخي الأندلس أن المنصور بن أبي عامر كان يزرع كل سنة ألف مدي من الشعير قصيلاً لدوابه الخاصة به، وأنّه كان إذا قدم من غزوة من غزواته لا يحلّ عن نفسه حتى يدعو صاحب الخيل فيعلم ما مات منها وما عاش، وصاحب الأبنية لما وهى من أسواره ومبانيه وقصوره ودوره، قال: وكان له دخالة (٢) كل يوم اثني عشر ألف رطل من اللحم، حاشا الصيد والطير


(١) انظر هذا فيما تقدم ص: ٤٧١.
(٢) في المعاجم: الدخل فقط بمعنى الحاصل، ويبدو أن الأندلسيين استعملوا لفظة " دخالة " ليعنوا القسط أو النصيب أو الحصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>