للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحيتان، وكان يصنع في كل عام اثني عشر ألف ترس عامرية لقصر الزاهرة والزهراء، قال: وابتنى على طريق المباهاة والفخامة مدينة الزاهرة (١) ذات القصور والمنتزهات المخترعة كمنية السرور وغيرها من مناشئه البديعة، انتهى.

[المنصور وابن شهيد]

ومن المطمح (٢) : أن المنصور لما فرغ من بناء الزاهرة غزا غزوة وأبعد فيها الإيغال، وغال فيه من عظماء الروم من غال، وحلّ من أرضهم ما لم يطرق، وراع منهم ما لم يرع قطّ ولم يفرق، وصدر صدراً سما به على كل حسناء عقيلة، وجلا به كل صفحة للحسن صقيلة، ودخل قرطبة دخولاً لم يعهد، وشهد له فيها يوم مثله لم يشهد، وكان ابن شهيد متخلّفاٍ عن هذه الغزوة لنقرس عداه عائده، وحداه منتجعه ورائده، وابن شهيد هذا أحد حجاب (٣) الناصر، وله على ابن أبي عامر أيادٍ محكمة الأواصر، وهو الذي نهض به أول انبعاثه، وشفى أمره زمن التياثه، وخاصم المصحفي عنه بلسان من الحماية ألدّ، وتوخّاه بإحسان قلّده من الرعاية ما قلّد، وأسمى رتبته، وحلّى بإعظام جيده ولبّته (٤) ، وكان كثيراً ما يتحفه، ويصله ويلطفه، فلمّا صدر المنصور من غزوته هذه وقفل، نسي متاحفته وغفل (٥) ، فكتب إليه ابن شهيد:

أنا شيخ والشيخ يهوى الصّبايا ... يا بنفسي أقيك كلّ الرّزايا

ورسول الإله أسهم في الفي ... ء لمن لم يخبّ فيه المطايا


(١) ك: العامرية.
(٢) لم يرد هذا النص في المطمح المطبوع.
(٣) ط: أصحاب.
(٤) ق: وحلى بأعظم جاه جيده ولبته. والعبار في ط دون لفظة " جيده ".
(٥) ق: أو غفل.

<<  <  ج: ص:  >  >>